وَهَؤُلَاءِ يُخَالِفُونَ " الصَّابِئَةَ الْفَلَاسِفَةَ " الَّذِينَ يَقُولُونَ بِقِدَمِ الْعَالَمِ وَبِأَنَّ النُّبُوَّةَ كَمَالٌ تَفِيضُ عَلَى نَفْسِ النَّبِيِّ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُتَكَلِّمِينَ أَكْثَرُ حَقًّا وَأَتْبَعُ لِلْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ وَالسَّمْعِيَّةِ لِمَا تَنَوَّرَتْ بِهِ قُلُوبُهُمْ مِنْ نُورِ الْإِسْلَامِ وَالْقُرْآنِ وَإِنْ كَانُوا قَدْ ضَلُّوا فِي كَثِيرٍ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ؛ لَكِنْ هُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكَ مِنْ وُجُوهٍ أُخْرَى وَافَقُوا فِيهَا أَهْلَ السُّنَّةِ فَوَافَقُوا أُولَئِكَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَتَكَلَّمْ كَمَا وَافَقُوهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَا عِلْمَ لَهُ وَلَا قُدْرَةَ وَلَا صِفَةً مِنْ الصِّفَاتِ وَرَأَوْا أَنَّ إثْبَاتَهُ مُتَكَلِّمًا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ جِسْمًا وَالْجِسْمُ حَادِثٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الصِّفَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى حُدُوثِ الْمَوْصُوفِ بَلْ هُوَ عِنْدَهُمْ أَدَلُّ عَلَى حُدُوثِ الْمُتَكَلِّمِ مِنْ غَيْرِهِ؛ بَلْ اللَّهُ يَفْتَقِرُ مِنْ الْخَارِجِ إلَى مَا لَا يَفْتَقِرُ إلَيْهِ غَيْرُهُ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ مِنْ التَّرْتِيبِ وَالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ مَا لَيْسَ فِي غَيْرِهِ وَلَمَّا رَأَوْا أَنَّ الرُّسُلَ اتَّفَقَتْ عَلَى أَنَّهُ مُتَكَلِّمٌ وَالْقُرْآنُ مَمْلُوءٌ بِإِثْبَاتِ ذَلِكَ صَارُوا تَارَةً يَقُولُونَ مُتَكَلِّمٌ مَجَازًا لَا حَقِيقَةً وَهَذَا قَوْلُهُمْ الْأَوَّلُ لَمَّا كَانُوا فِي بِدْعَتِهِمْ عَلَى الْفِطْرَةِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلُوا فِي الْمُعَانَدَةِ وَالْجُحُودِ. ثُمَّ إنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّ هَذَا شَنِيعًا فَقَالُوا بَلْ هُوَ مُتَكَلِّمٌ حَقِيقَةً وَرُبَّمَا حَكَى بَعْضُ مُتَكَلِّمِيهِمْ الْإِجْمَاعَ وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ كَذَلِكَ بَلْ حَقِيقَةُ قَوْلِهِمْ وَأَصْلُهُ عِنْدَ مَنْ عَرَفَهُ وَابْتَدَعَهُ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِمُتَكَلِّمِ وَقَالُوا الْمُتَكَلِّمُ مَنْ فَعَلَ الْكَلَامَ وَلَوْ فِي مَحَلٍّ مُنْفَصِلٍ عَنْهُ فَفَسَّرُوا الْمُتَكَلِّمَ فِي اللُّغَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute