للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِمَعْنَى لَا يُعْرَفُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ وَلَا غَيْرِهِمْ؛ لَا حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا؛ وَهَذَا قَوْلُ مَنْ يَقُولُ إنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الصَّابِئَةِ الَّذِينَ يُوَافِقُونَ الرُّسُلَ فِي حُدُوثِ الْعَالِمِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ كُفْرًا بِمَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ فَلَيْسَ هُوَ فِي الْكُفْرِ مِثْلَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ هَؤُلَاءِ لَا يَقُولُونَ إنَّ اللَّهَ أَرَادَ أَنْ يَبْعَثَ رَسُولًا مُعَيَّنًا وَأَنْ يُنْزِلَ عَلَيْهِ هَذَا الْكَلَامَ الَّذِي خَلَقَهُ وَأَنْكَرُوا أَنْ يَكُونَ مُتَكَلِّمًا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْكُتُبُ الْإِلَهِيَّةُ وَاتَّفَقَتْ عَلَيْهِ أَهْلُ الْفِطْرَةِ السَّلِيمَةِ. وَنَشَأَ بَيْنَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ هُمْ فُرُوعُ الصَّابِئَةِ وَبَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ أَتْبَاعِ الرُّسُلِ الْخِلَافُ فَكَفَرَ هَؤُلَاءِ بِبَعْضِ مَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ مِنْ وَصْفِ اللَّهِ بِالْكَلَامِ وَالتَّكْلِيمِ وَاخْتَلَفُوا فِي كِتَابِ اللَّهِ فَآمَنُوا بِبَعْضِ وَكَفَرُوا بِبَعْضِ. وَاتَّبَعَ الْمُؤْمِنُونَ مَا أُنْزِلَ إلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَكَلَّمَ بِالْقُرْآنِ وَأَنَّهُ كَلَّمَ مُوسَى تَكْلِيمًا وَأَنَّهُ يَتَكَلَّمُ وَلَمْ يُحَرِّفُوا الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ كَمَا فَعَلَ الْأَوَّلُونَ؛ بَلْ رَدُّوا تَحْرِيفَ أُولَئِكَ بِبَصَائِرِ الْإِيمَانِ الَّذِي عَلِمُوا بِهِ مُرَادَ الرُّسُلِ مِنْ إخْبَارِهِمْ بِرِسَالَةِ اللَّهِ وَكَلَامِهِ وَاتَّبَعُوا هَذَا الْقُرْآنَ وَالْحَدِيثَ وَإِجْمَاعَ السَّلَفِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَسَائِرِ أَتْبَاعِ الْأَنْبِيَاءِ وَعَلِمُوا أَنَّ قَوْلَ هَؤُلَاءِ أَخْبَثُ مِنْ قَوْلِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى حَتَّى كَانَ ابْنُ الْمُبَارَكِ - إمَامُ الْمُسْلِمِينَ - يَقُولُ: إنَّا لَنَحْكِي كَلَامَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَلَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَحْكِيَ كَلَامَ الْجَهْمِيَّة.