الْأَزْمِنَةِ بِالْحُدُوثِ مِنْ غَيْرِ مُخَصِّصٍ يَقْتَضِي ذَلِكَ وَمِنْ غَيْرِ سَبَبٍ حَادِثٍ يَقْتَضِي الْحُدُوثَ. وَهَذَا مَعَ أَنَّهُ فَاسِدٌ فِي صَرِيحِ الْعُقُولِ: فَهُوَ يُبْطِلُ مَا اسْتَدَلُّوا بِهِ عَلَى إثْبَاتِ الصَّانِعِ فَلَا بُدَّ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ لِحُدُوثِ الْحَوَادِثِ سَبَبٌ حَادِثٌ؛ وَحِينَئِذٍ فَمَا مِنْ حَادِثٍ إلَّا وَهُوَ مَسْبُوقٌ بِحَادِثِ. وَحِينَئِذٍ: فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ اللَّهَ إذَا كَانَ مُتَكَلِّمًا بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ أَمْكَنَ أَنَّهُ لَا يَزَالُ مُتَكَلِّمًا بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَصِيرَ مُتَكَلِّمًا بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَكَلِّمًا بِحَالِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي حُدُوثَ الْحَادِثِ بِلَا سَبَبٍ حَادِثٍ وَهُوَ مُمْتَنِعٌ وَيَقْتَضِي أَنَّهُ تَجَدَّدَ لَهُ مِنْ صِفَاتِ الْكَمَالِ مَا أَمْكَنَ ثُبُوتُهُ فِي الْأَزَلِ؛ وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ. وَذَلِكَ لِأَنَّ صِفَاتِ الْكَمَالِ الَّتِي يُمْكِنُ اتِّصَافُ الرَّبِّ بِهَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَوَقَّفَ ثُبُوتُهَا لَهُ عَلَى غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْغَيْرُ هُوَ الْمُعْطِيَ لَهُ صِفَاتِ الْكَمَالِ وَمُعْطِيَ غَيْرِهِ صِفَاتِ الْكَمَالِ أَوْلَى بِأَنْ يَكُونَ هُوَ الرَّبَّ تَعَالَى وَرَبُّ الْعَالَمِينَ الْخَالِقُ مَا سِوَاهُ الَّذِي يُعْطِيهِ صِفَاتِ الْكَمَالِ لَا يَكُونُ غَيْرَهُ رَبًّا لَهُ بِوَجْهِ مِنْ الْوُجُوهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ. وَحِينَئِذٍ فَيَجِبُ اتِّصَافُهُ بِالْكَلَامِ إذَا شَاءَ أَزَلًا وَأَبَدًا. قَالَ هَؤُلَاءِ: وَهَذَا الْأَصْلُ يُبْطِلُ حُجَّةَ الْفَلَاسِفَةِ الدَّهْرِيَّةَ الَّتِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute