بِسَبَبِهَا افْتَرَقَتْ الْأُمَّةُ وَاخْتَلَفَتْ. فَإِذَا اجْتَهَدَ الرَّجُلُ فِي مُتَابَعَةِ الرَّسُولِ وَالتَّصْدِيقِ بِمَا جَاءَ بِهِ وَأَخْطَأَ فِي الْمَوَاضِعِ الدَّقِيقَةِ الَّتِي تَشْتَبِهُ عَلَى أَذْكِيَاءِ الْمُؤْمِنِينَ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ خَطَايَاهُ؛ تَحْقِيقًا لِقَوْلِهِ: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ اللَّهَ قَالَ: " قَدْ فَعَلْت ".
وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: وَمَنْ قَالَ: كَلَامُ اللَّهِ مُنَزَّهٌ عَنْ سِمَاتِ الْحُدُوثِ إذْ الصَّوْتُ وَالْحَرْفُ لَازِمُهُمَا الْحُدُوثُ فَكَمَا لِذَاتِهِ التَّنْزِيهُ عَنْ سِمَاتِ الْخَلْقِ كَذَلِكَ لِقَوْلِهِ الْحَقُّ. فَيُقَالُ لَهُ: لَا نِزَاعَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ؛ بَلْ وَسَائِر أَهْلِ الْمِلَلِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْعُقَلَاءِ أَنَّ الْخَالِقَ مُنَزَّهٌ عَنْ سِمَاتِ الْحُدُوثِ فَإِنَّ قِدَمَهُ ضَرُورِيٌّ؛ فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى حُدُوثِهِ وَ " السِّمَةُ " هِيَ الْعَلَامَةُ وَالدَّلِيلُ. وَلَكِنْ مُنَازَعُوك فِي الصَّوْتِ وَالْحَرْفِ: جُمْهُورُ الْخَلَائِقِ؛ إذْ لَمْ يُوَافِقْ الْكُلَّابِيَة عَلَى قَوْلِهِمْ أَحَدٌ مِنْ الطَّوَائِفِ لَا الْجَهْمِيَّة وَلَا الْمُعْتَزِلَةُ وَلَا الضرارية وَلَا النجارية وَلَا الكَرَّامِيَة وَلَا السالمية وَلَا جُمْهُورُ الْمُرْجِئَةِ وَالشِّيعَةِ وَلَا جُمْهُورُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَالتَّصَوُّفِ وَلَا الْفَلَاسِفَةُ: لَا الإلهيون وَلَا الطبائعيون عَلَى اخْتِلَافِ أَصْنَافِهِمْ. وَخُصُومُهُمْ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: الْحُرُوفُ مُحْدَثَةٌ مَخْلُوقَةٌ فِي مَحَلٍّ مُنْفَصِلٍ عَنْ اللَّهِ كَمَا يَقُولُونَ هُمْ ذَلِكَ؛ لَكِنْ يَقُولُونَ: هَذَا كَلَامُ اللَّهِ لَيْسَ لِلَّهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute