كَلَامٌ غَيْرُهُ كَمَا أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ هَذَا كَلَامُ اللَّهِ بَلْ أَجْمَعَتْ الْأُمَمُ عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ لَا يُعْقَلُ إلَّا كَذَلِكَ. فَإِنْ قُلْتُمْ: هَذَا هُوَ كَلَامُ اللَّهِ. لَزِمَكُمْ أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ مَخْلُوقًا وَإِنْ قُلْتُمْ: لَيْسَ ذَلِكَ كَلَامَ اللَّهِ خَالَفْتُمْ الْمَعْلُومَ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ الشَّرْعِ وَاللُّغَةِ وَإِنْ قُلْتُمْ نُسَمِّي هَذَا كَلَامَ اللَّهِ وَهَذَا كَلَامَ اللَّهِ كِلَاهُمَا حَقِيقَةً بِطْرِيق الِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ. قِيلَ لَكُمْ: فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْكَلَامَ الْمَخْلُوقَ فِي غَيْرِهِ هُوَ كَلَامٌ لَهُ حَقِيقَةً بَطَلَ أَصْلُ حُجَّتِكُمْ الَّتِي احْتَجَجْتُمْ بِهَا حَيْثُ قُلْتُمْ الْكَلَامُ لَا يَكُونُ كَلَامًا إلَّا لِمَنْ قَامَ بِهِ وَلَا يَكُونُ الْمُتَكَلِّمُ مُتَكَلِّمًا بِكَلَامِ يَحِلُّ فِي غَيْرِهِ. وَقَالُوا لَكُمْ أَيْضًا: إثْبَاتُ الْمَعْنَى الَّذِي أَثْبَتُّمُوهُ غَيْرُ هَذِهِ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ يَحْتَاجُ إلَى إثْبَاتِ وُجُودِهِ ثُمَّ إثْبَاتِ قِدَمِهِ ثُمَّ إثْبَاتِ حُدُوثِهِ وَكُلٌّ مِنْ هَذِهِ الْمَقَامَاتِ أَنْتُمْ فِيهَا مُنْقَطِعُونَ كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ وَكَمَا اعْتَرَفَ بِذَلِكَ فُضَلَاءُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ. وَ " الْفَرِيقُ الثَّانِي " يَقُولُ لَكُمْ: إنَّا نُسَلِّمُ لَكُمْ أَنَّ الْحُرُوفَ وَالْأَصْوَاتَ مُحْدَثَةٌ؛ لَكِنْ نَقُولُ هِيَ كَلَامُ اللَّهِ الْقَائِمُ بِذَاتِهِ فَإِنْ قُلْتُمْ هَذَا يَسْتَلْزِمُ كَوْنَهُ مَحَلًّا لِلْحَوَادِثِ قَالُوا لَكُمْ: وَنَفْسُ هَذَا مِنْ كَلَامِ الْمُعْتَزِلَةِ الَّذِي تَلَقَّيْتُمُوهُ عَنْهُمْ وَلَيْسَ لَكُمْ عَلَى ذَلِكَ حُجَّةٌ لَا عَقْلِيَّةٌ وَلَا شَرْعِيَّةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute