للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَدْ اعْتَرَفَ فُضَلَاؤُكُمْ بِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ يَلْزَمُ جُمْهُورَ الطَّوَائِفِ. وَقَالَ لَكُمْ مُنَازِعُوكُمْ: قَدْ دَلَّ عَلَى هَذَا الْأَصْلِ الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ وَالْعَقْلِيَّةُ. وَ " الْفَرِيقُ الثَّالِثُ " يَقُولُ لَكُمْ: هَبْ أَنَّهَا مُحْدَثَةٌ أَهِيَ مُحْدَثَةُ الْأَعْيَانِ أَمْ نَوْعُهَا مُحْدَثٌ؟ فَإِنْ قُلْتُمْ: إنَّ كُلَّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهَا مُحْدَثٌ لَمْ يَنْفَعْكُمْ. وَإِنْ قُلْتُمْ بَلْ النَّوْعُ مُحْدَثٌ لِامْتِنَاعِ حَوَادِثَ لَا تَتَنَاهَى. قِيلَ لَكُمْ: هَذَا مِمَّا يُنَازِعُكُمْ فِيهِ جُمْهُورُ أَهْلِ الْحَدِيثِ مَعَ جُمْهُورِ الْفَلَاسِفَةِ وَيُنَازِعُكُمْ فِيهِ أَئِمَّةُ الْمِلَلِ وَأَئِمَّةُ النِّحَلِ وَيُنَازِعُكُمْ فِيهِ الْأَئِمَّةُ مِنْ أَهْلِ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَالْأَئِمَّةُ؛ مِنْ الصَّابِئَةِ وَالْفَلَاسِفَةِ وَالْمَجُوسِ وَغَيْرِهِمْ وَإِنَّمَا ابْتَدَعَ هَذَا الْقَوْلَ فِي الْإِسْلَامِ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ الَّذِينَ ذَمَّهُمْ أَئِمَّةُ الدِّينِ وَأَعْلَامُ الْمُسْلِمِينَ وَهَذَا الْقَوْلُ لَيْسَ مَعْلُومًا بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ وَلَا قَالَهُ أَحَدٌ مِنْ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ وَإِنَّمَا هُوَ قَوْلٌ مُبْتَدَعٌ وَمُبْتَدِعُهُ يَزْعُمُ أَنَّ الْعَقْلَ دَلَّ عَلَيْهِ. وَيَثْبُتُ بِهِ حُدُوثُ الْعَالَمِ وَالْعِلْمُ بِإِثْبَاتِ الصَّانِعِ. وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ لَهُ: الْعَقْلُ يَدُلُّ عَلَى نَقِيضِهِ وَأَنَّهُ مُنَافٍ مُضَادٌّ لِحُدُوثِ الْعَالَمِ وَلِإِثْبَاتِ الصَّانِعِ. وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ؛ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ التَّنْبِيهُ عَلَى مَا فِي هَذَا الْكَلَامِ مِنْ مَوَارِدِ النِّزَاعِ وَمَوَاقِعِ الْإِجْمَاعِ.