أَوْ سَمْعِيَّيْنِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا عَقْلِيًّا وَالْآخَرُ سَمْعِيًّا وَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُمَا يَتَعَارَضَانِ كَانَ ذَلِكَ خَطَأً مِنْهُ؛ لِاعْتِقَادِهِ فِي أَحَدِهِمَا أَنَّهُ يَقِينِيٌّ وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَا جَمِيعًا غَيْرَ يَقِينِيَّيْنِ. وَاخْتِلَافُ النَّاسِ فِي هَذَا الْبَابِ وَغَيْرِهِ كَثِيرٌ مِنْهُ يَكُونُ " اخْتِلَافُ تَنَوُّعٍ " مِثْلُ أَنْ يَقْصِدَ هَذَا حَقًّا فِيمَا يُثْبِتُهُ وَالْآخَرُ يَقْصِدُ حَقًّا فِيمَا نَقَضَهُ وَكِلَاهُمَا صَادِقٌ. لَكِنْ يَظُنَّانِ أَنَّ بَيْنَهُمَا نِزَاعًا مَعْنَوِيًّا وَلَا يَكُونُ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَكَثِيرٌ مِنْ النِّزَاعِ يَعُودُ إلَى إطْلَاقَاتٍ لَفْظِيَّةٍ لَا إلَى مَعَانٍ عَقْلِيَّةٍ وَأَحْسَنُ النَّاسِ طَرِيقَةً مَنْ كَانَ إطْلَاقُهُ مُوَافِقًا لِلْإِطْلَاقَاتِ الشَّرْعِيَّةِ وَالْمَعَانِي الَّتِي يَقْصِدُهَا مَعَانٍ صَحِيحَةٌ تُطَابِقُ الشَّرْعَ وَالْعَقْلَ. . . (١).
وَأَصْلُ مَنْشَأِ نِزَاعِ الْمُسْلِمِينَ فِي هَذَا الْبَابِ: أَنَّ الْمُتَكَلِّمِينَ - مِنْ الْجَهْمِيَّة وَالْمُعْتَزِلَةِ وَمَنْ اتَّبَعَهُمْ - سَلَكُوا فِي إثْبَاتِ حُدُوثِ الْعَالَمِ وَإِثْبَاتِ الصَّانِعِ طَرِيقًا مُبْتَدَعَةً فِي الشَّرْعِ مُضْطَرِبَةً فِي الْعَقْلِ وَأَوْجَبُوهَا وَزَعَمُوا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ الصَّانِعِ إلَّا بِهَا وَتِلْكَ الطَّرِيقُ فِيهَا مُقَدِّمَاتٌ مُجْمَلَةٌ لَهَا نَتَائِجُ مُجْمَلَةٌ فَغَلِطَ كَثِيرٌ مِنْ سَالِكِيهَا فِي مَقْصُودِ الشَّارِعِ وَمُقْتَضَى الْعَقْلِ فَلَمْ يَفْهَمُوا مَا جَاءَتْ بِهِ النُّصُوصُ النَّبَوِيَّةُ وَلَمْ يُحَرِّرُوا مَا اقْتَضَتْهُ الدَّلَائِلُ الْعَقْلِيَّةُ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ قَالُوا: لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ
(١) بياض بالأصل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute