للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصَّانِعِ إلَّا بِإِثْبَاتِ حُدُوثِ الْعَالَمِ وَلَا يُمْكِنُ إثْبَاتُ حُدُوثِ الْعَالَمِ إلَّا بِإِثْبَاتِ حُدُوثِ الْأَجْسَامِ. قَالُوا: وَالطَّرِيقُ إلَى ذَلِكَ هُوَ الِاسْتِدْلَالُ بِحُدُوثِ الْأَعْرَاضِ عَلَى حُدُوثِ مَا قَامَتْ بِهِ الْأَعْرَاضُ فَمِنْهُمْ مَنْ اسْتَدَلَّ بِالْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ فَقَطْ وَمِنْهُمْ مَنْ احْتَجَّ بِالْأَكْوَانِ الَّتِي هِيَ عِنْدَهُمْ الِاجْتِمَاعُ وَالِافْتِرَاقُ وَالْحَرَكَةُ وَالسُّكُونُ. وَمِنْهُمْ مَنْ احْتَجَّ بِالْأَعْرَاضِ مُطْلَقًا. وَمَبْنَى الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَا لَا يَخْلُو مِنْ الْحَوَادِثِ فَهُوَ حَادِثٌ؛ لِامْتِنَاعِ حَوَادِثَ لَا أَوَّلَ لَهَا. فَيَقُولُ لَهُمْ الْمُعَارِضُونَ - مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ وَغَيْرِهِمْ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ مُحْدَثَةٌ عَنْ عَدَمٍ وَالْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْأَفْلَاكَ قَدِيمَةٌ أَزَلِيَّةٌ - حُدُوثُ الْحَوَادِثِ بَعْدَ أَنْ لَمْ تَكُنْ أَمْرٌ حَادِثٌ. فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ سَبَبٍ حَادِثٍ وَإِلَّا لَزِمَ تَرْجِيحُ أَحَدِ طَرَفَيْ الْمُمْكِنِ بِلَا مُرَجِّحٍ. وَقَالَ لَهُمْ الْقَائِلُونَ بِحُدُوثِ الْأَفْلَاكِ مِنْ أَهْلِ الْمِلَلِ وَغَيْرِهِمْ: أَنْتُمْ أَثْبَتُّمْ حُدُوثَ الْعَالَمِ بِطَرِيقِ وَحُدُوثُ الْعَالَمِ لَا يَتِمُّ إلَّا مَعَ نَقِيضِ مَا أَثْبَتُّمُوهُ. فَمَا جَعَلْتُمُوهُ دَلِيلًا عَلَى حُدُوثِ الْعَالَمِ لَا يَدُلُّ عَلَى حُدُوثِهِ؛ بَلْ وَلَا يَسْتَلْزِمُ حُدُوثَهُ. وَالدَّلِيلُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُسْتَلْزِمًا الْمَدْلُولَ؛ بِحَيْثُ يَلْزَمُ مِنْ تَحَقُّقِ الدَّلِيلِ تَحَقُّقُ الْمَدْلُولِ؛ بَلْ هُوَ مُنَافٍ لِحُدُوثِ الْعَالَمِ مُنَاقِضٌ لَهُ وَهُوَ يَقْتَضِي امْتِنَاعَ حُدُوثِ الْعَالَمِ بَلْ امْتِنَاعِ حُدُوثِ