الْمَثَلُ الْأَعْلَى} إذْ لَا يَدْخُلُ الْخَالِقُ وَالْمَخْلُوقُ تَحْتَ قَضِيَّةٍ كُلِّيَّةٍ تَسْتَوِي أَفْرَادُهَا وَلَا يَتَمَاثَلَانِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ بَلْ يُعْلَمُ أَنَّ كُلَّ كَمَالٍ - لَا نَقْصَ فِيهِ بِوَجْهِ - ثَبَتَ لِلْمَخْلُوقِ فَالْخَالِقُ أَوْلَى بِهِ وَكُلُّ نَقْصٍ وَجَبَ نَفْيُهُ عَنْ الْمَخْلُوقِ فَالْخَالِقُ أَوْلَى بِنَفْيِهِ عَنْهُ وَأَمْثَالُ هَذِهِ " الْأَقْيِسَةِ الْعَقْلِيَّةِ " الَّتِي مِنْ نَوْعِ الْأَمْثَالِ الْمَضْرُوبَةِ فِي الْقُرْآنِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى وَقَدْ بَسَطْنَا هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. فَلَمَّا كَانَ الْكُفَّارُ بِالرِّسَالَةِ عَلَى مَا ذُكِرَ جَاءَ فِي الْكُفَّارِ بِبَعْضِهَا مَنْ شَارَكَهُمْ فِي بَعْضِ ذَلِكَ: فَأَنْكَرَتْ الْجَهْمِيَّة أَنْ يَكُونَ اللَّهُ يَتَكَلَّمُ أَوْ يَقُولُ أَوْ يُحِبُّ أَوْ يُبْغِضُ وَأَنْكَرُوا سَائِر صِفَاتِهِ الَّتِي جَاءَتْ بِهَا الرُّسُلُ فَأَنْكَرُوا بَعْضَ حَقِيقَةِ الرِّسَالَةِ الَّتِي هِيَ كَلَامُ اللَّهِ وَأَنْكَرُوا بَعْضَ مَا فِي الرِّسَالَةِ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ. وَأَوَّلُ مَنْ أَظْهَرَ ذَلِكَ فِي الْإِسْلَامِ - وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَوْجُودًا قَبْلَ الْإِسْلَامِ فِي أُمَمٍ أُخْرَى - الْجَعْدُ بْنُ دِرْهَمٍ شَيْخُ الْجَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ وَكَانَ عَلَى مَا قِيلَ مِنْ أَهْلِ حَرَّانَ وَكَانَ فِيهِمْ أَئِمَّةُ الْفَلَاسِفَةِ وَمِنْهُمْ تَعَلَّمَ أَبُو نَصْرٍ الْفَارَابِيُّ كَثِيرًا مِمَّا تَعَلَّمَ مِنْ الْفَلْسَفَةِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ عَبْدُ اللَّطِيفِ بْنُ يُوسُفَ الْبَغْدَادِيُّ فَضَحَّى بِالْجَعْدِ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ بِوَاسِطِ عَلَى عَهْدِ عُلَمَاءِ التَّابِعِينَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ بَقَايَا التَّابِعِينَ فِي وَقْتِهِ: مِثْلُ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَغَيْرِهِ الَّذِينَ حَمِدُوهُ عَلَى مَا فَعَلَ وَشَكَرُوا ذَلِكَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ ضَحُّوا تَقَبَّلَ اللَّهُ ضَحَايَاكُمْ؛ فَإِنِّي مُضَحٍّ بِالْجَعْدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute