يَكُونَ فِي الْخَارِجِ عَنْ نُفُوسِهِمْ لِلَّهِ عِنْدَهُمْ كَلَامٌ وَهَكَذَا كَانَ الْجَهْمُ يَقُولُ أَوَّلًا: إنَّ اللَّهَ لَا كَلَامَ لَهُ ثُمَّ احْتَاجَ أَنْ يُطْلِقَ أَنَّ لَهُ كَلَامًا لِأَجْلِ الْمُسْلِمِينَ فَيَقُولُ: هُوَ مَجَازٌ؛ وَلِهَذَا كَانَ الْإِمَامُ أَحْمَد وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ يَعْلَمُونَ مَقْصُودَهُمْ وَأَنَّ غَرَضَهُمْ التَّعْطِيلُ وَأَنَّهُمْ زَنَادِقَةٌ وَ " الزِّنْدِيقُ " الْمُنَافِقُ. وَلِهَذَا تَجِدُ مُصَنِّفَاتِ الْأَئِمَّةِ يَصِفُونَهُمْ فِيهَا بِالزَّنْدَقَةِ كَمَا صَنَّفَ الْإِمَامُ أَحْمَد " الرَّدُّ عَلَى الزَّنَادِقَةِ وَالْجَهْمِيَّة " وَكَمَا تَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ آخَرَ كِتَابِ الصَّحِيحِ بِ " كِتَابُ التَّوْحِيدِ وَالرَّدِّ عَلَى الزَّنَادِقَةِ وَالْجَهْمِيَّة " وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ يَقُولُ: إنَّا لَنَحْكِي كَلَامَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَلَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَحْكِيَ كَلَامَ الْجَهْمِيَّة. وَتَقُولُ الصَّابِئَةُ الْمَحْضَةُ - الَّذِينَ آمَنُوا فِي الظَّاهِرِ وَآمَنُوا فِي الْبَاطِنِ بِبَعْضِ الْكِتَابِ - كَلَامُ اللَّهِ اسْمٌ لِمَا يَفِيضُ عَلَى قَلْبِ النَّبِيِّ مِنْ " الْعَقْلِ الْفَعَّالِ " أَوْ غَيْرِهِ وَ " مَلَائِكَةُ اللَّهِ " اسْمٌ لِمَا يَتَشَكَّلُ فِي نَفْسِهِ مِنْ الصُّوَرِ النُّورَانِيَّةِ وَقَدْ يَقُولُونَ: إنَّ جِبْرِيلَ هُوَ " الْعَقْلُ الْفَعَّالُ " أَوْ هُوَ مَا يَتَمَثَّلُ فِي نَفْسِهِ مِنْ الصُّوَرِ الْخَيَالِيَّةِ كَمَا يَرَاهُ النَّائِمُ؛ وَلِهَذَا يَقُولُ هَؤُلَاءِ: إنَّ خَاصَّةَ النَّبِيِّ التَّخْيِيلُ وَأَنَّ الْأَنْبِيَاءَ أَظْهَرُوا خِلَافَ مَا أَبْطَنُوهُ لِمَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ وَلَمْ يُفِيدُوا بِكَلَامِهِمْ عِلْمًا؛ لَكِنْ تَخْيِيلًا يَنْتَفِعُ بِهِ الْعَامَّةُ وَيَجْعَلُونَ هَذَا مِنْ أَفْضَلِ الْأُمُورِ وَيَمْدَحُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِذَلِكَ وَيُعَظِّمُونَهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute