للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَصْدُهُ عِنْدَهُمْ إذَا أَثْبَتُوهُ لَمْ يُثْبِتُوهُ إلَّا كُلِّيًّا لَا يُعَيِّنُ أَحَدًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَعْلَمُ الْكُلِّيَّاتِ وَلَا يَعْلَمُ الْجُزْئِيَّاتِ إلَّا عَلَى وَجْهٍ كُلِّيٍّ. وَقَدْ يَقْرَبُ أَوْ يَقْرُبُ مِنْ مَذْهَبِهِمْ مَنْ قَالَ بِاسْتِرْسَالِ عِلْمِهِ عَلَى أَعْيَانِ الْأَعْرَاضِ وَهَذَا الْكَلَامُ - مَعَ أَنَّهُ كُفْرٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ - فَقَدْ وَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنْهُ مَنْ لَهُ فَضْلٌ فِي الْكَلَامِ وَالتَّصَوُّفِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَوْلَا أَنِّي أَكْرَهُ التَّعْيِينَ فِي هَذَا الْجَوَابِ لَعَيَّنْت أَكَابِرَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ. وَقَدْ يَكُونُ الصَّوْتُ الَّذِي يَسْمَعُهُ خَارِجًا عَنْ نَفْسِهِ مِنْ جِهَةِ الْحَقِّ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَتِهِ أَوْ غَيْرِ مَلَكٍ وَهُوَ الَّذِي أَدْرَكَتْهُ الْجَهْمِيَّة مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهِمْ وَاعْتَقَدُوا أَنَّهُ لَيْسَ لِلَّهِ تَكْلِيمٌ إلَّا ذَلِكَ وَهُوَ لَا يَخْرُجُ عَنْ قِسْمِ الْوَحْيِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ أَقْسَامِ التَّكْلِيمِ أَوْ قَسِيمُ التَّكْلِيمِ بِالرَّسُولِ. وَهُوَ " الْقِسْمُ الثَّانِي " حَيْثُ قَالَ تَعَالَى: {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ} فَهَذَا إيحَاءُ الرَّسُولِ. وَهُوَ غَيْرُ الْوَحْيِ الْأَوَّلِ مِنْ اللَّهِ الَّذِي هُوَ أَحَدُ أَقْسَامِ التَّكْلِيمِ الْعَامِّ. وَإِيحَاءُ الرَّسُولِ أَيْضًا " أَنْوَاعٌ " فَفِي الصَّحِيحَيْنِ {عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَيْفَ يَأْتِيك الْوَحْيُ؟ قَالَ: أَحْيَانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ فَيُفْصَمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْت مَا قَالَ وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِي الْمَلَكُ رَجُلًا فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَلَقَدْ رَأَيْته