مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ مُنْقَطِعًا اتَّفَقَ مَعْنَى التَّكْلِيمِ فِي الْآيَتَيْنِ وَإِنْ جُعِلَ مُتَّصِلًا كَانَ التَّكْلِيمُ مِثْلَ التَّكْلِيمِ فِي سُورَةِ الشُّورَى وَهُوَ التَّكْلِيمُ الْعَامُّ؛ وَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ إنَّمَا كَلَّمَ مُوسَى تَكْلِيمًا خَاصًّا كَامِلًا بِقَوْلِهِ: {مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ} مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ الْجَمِيعَ أَوْحَى إلَيْهِمْ وَكَلَّمَهُمْ التَّكْلِيمَ الْعَامَّ وَبِأَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ تَكْلِيمِهِ وَبَيْنَ الْإِيحَاءِ إلَى النَّبِيِّينَ وَكَذَا التَّكْلِيمُ بِالْمَصْدَرِ وَبِأَنَّهُ جَعَلَ التَّكْلِيمَ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ قِسْمًا غَيْرَ إيحَائِهِ وَبِمَا تَوَاتَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ مِنْ تَكْلِيمِهِ الْخَاصِّ لِمُوسَى مِنْهُ إلَيْهِ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ كَلَّمَهُ بِصَوْتِ سَمِعَهُ مُوسَى كَمَا جَاءَتْ الْآثَارُ بِذَلِكَ عَنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا مُوَافَقَةً لَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ. وَغَلِطَتْ هُنَا " الطَّائِفَةُ الثَّالِثَةُ " الْكُلَّابِيَة. فَاعْتَقَدَتْ أَنَّهُ إنَّمَا أَوْحَى إلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعْنًى مُجَرَّدًا عَنْ صَوْتٍ. وَاخْتَلَفَتْ هَلْ يَسْمَعُ ذَلِكَ؟ فَقَالَ بَعْضُهُمْ يَسْمَعُ ذَلِكَ الْمَعْنَى بِلَطِيفَةِ خَلَقَهَا فِيهِ قَالُوا: إنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالشَّمَّ وَالذَّوْقَ وَاللَّمْسَ مَعَانٍ تَتَعَلَّقُ بِكُلِّ مَوْجُودٍ كَمَا قَالَ ذَلِكَ الْأَشْعَرِيُّ وَطَائِفَةٌ وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَمْ يَسْمَعْ مُوسَى كَلَامَ اللَّهِ فَإِنَّهُ عِنْدَهُ مَعْنًى وَالْمَعْنَى لَا يُسْمَعُ كَمَا قَالَ ذَلِكَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَطَائِفَةٌ. وَهَذَا الَّذِي أَثْبَتُوهُ فِي جِنْسِ الْوَحْيِ الْعَامِّ الَّذِي فَرَّقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute