بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَكْلِيمِهِ لِمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حَيْثُ قَالَ: {إنَّا أَوْحَيْنَا إلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} إلَى قَوْلِهِ: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} وَفَرَّقَ بَيْنَ إيحَائِهِ وَبَيْنَ تَكْلِيمِهِ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ حَيْثُ قَالَ: {إلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} وَحَيْثُ فَرَّقَ بَيْنَ الرَّسُولِ الْمُكَلَّمِ وَغَيْرِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ} . لَكِنَّ هَؤُلَاءِ يُثْبِتُونَ أَنَّ لِلَّهِ كَلَامًا هُوَ مَعْنًى قَائِمٌ بِنَفْسِهِ هُوَ مُتَكَلِّمٌ بِهِ وَبِهَذَا صَارُوا خَيْرًا مِمَّنْ لَا يُثْبِتُ لَهُ كَلَامًا إلَّا مَا أَوْحَى فِي نَفْسِ النَّبِيِّ مِنْ الْمَعْنَى؛ أَوْ مَا سَمِعَهُ مِنْ الصَّوْتِ الْمُحْدَثِ وَلَكِنْ لِفَرْطِ رَدِّهِمْ عَلَى هَؤُلَاءِ زَعَمُوا: أَنَّهُ لَا يَكُونُ كَلَامًا لِلَّهِ بِحَالِ إلَّا مَا قَامَ بِهِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَقُومُ بِهِ إلَّا الْمَعْنَى. فَأَنْكَرُوا أَنْ تَكُونَ الْحُرُوفُ كَلَامَ اللَّهِ وَأَنْ يَكُونَ الْقُرْآنُ الْعَرَبِيُّ كَلَامَ اللَّهِ. وَجَاءَتْ " الطَّائِفَةُ الرَّابِعَةُ " فَرَدُّوا عَلَى هَؤُلَاءِ دَعْوَاهُمْ أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ مُجَرَّدَ الْمَعْنَى فَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْكَلَامَ لَيْسَ إلَّا الْحَرْفَ أَوْ الصَّوْتَ فَقَطْ وَإِنَّ الْمَعَانِيَ الْمُجَرَّدَةَ لَا تُسَمَّى كَلَامًا أَصْلًا؛ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ بَلْ الْكَلَامُ الْمُطْلَقُ اسْمٌ لِلْمَعَانِي وَالْحُرُوفِ جَمِيعًا وَقَدْ يُسَمَّى أَحَدُهُمَا كَلَامًا مَعَ التَّقْيِيدِ كَمَا يَقُولُ النُّحَاةُ: " الْكَلَامُ " اسْمٌ وَفِعْلٌ وَحَرْفٌ. فَالْمَقْسُومُ هُنَا اللَّفْظُ وَكَمَا قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: مَا زَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ يَعُودُونَ بِالتَّكَلُّمِ عَلَى التَّفَكُّرِ وَبِالتَّفَكُّرِ عَلَى التَّدَبُّرِ ويناطقون الْقُلُوبَ حَتَّى نَطَقَتْ. وَكَمَا قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute