فَإِنَّ لَهُ شَأْنًا آخَرَ يَخْتَصُّ بِهِ لَا يُشَبَّهُ بِتَبْلِيغِ سَائِر الْكَلَامِ كَمَا أَنَّهُ فِي نَفْسِهِ لَا يُشْبِهُ سَائِر الْكَلَامِ وَلَيْسَ لَهُ مِثْلٌ يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنْ الْخُلُقِ؛ بِخِلَافِ سَائِر مَا يُبَلَّغُ مِنْ كَلَامِ الْبَشَرِ؛ فَإِنَّ مِثْلَهُ مَقْدُورٌ فَلَا يَجُوزُ إضَافَةُ هَذَا الْكَلَامِ الْمَسْمُوعِ الَّذِي هُوَ الْقُرْآنُ إلَى غَيْرِ اللَّهِ بِوَجْهِ مِنْ الْوُجُوهِ؛ إلَّا عَلَى سَبِيلِ التَّبْلِيغِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ قَدْ خَاطَبَنَا بِهِ بِوَاسِطَةِ الرَّسُولِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَدْ بَسَطْت الْكَلَامَ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ الَّتِي هِيَ مَحَارَاتُ الْعُقُولِ الَّتِي اضْطَرَبَتْ فِيهَا الْخَلَائِقُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَلِيقُ بِهِ؛ فَإِنَّ هَذَا جَوَابُ فُتْيَا لَا يَلِيقُ بِهِ إلَّا التَّنْبِيهُ عَلَى جُمَلِ الْأُمُورِ وَإِثْبَاتُ وُجُوبِ نِسْبَةِ الْكَلَامِ إلَى مَنْ بَدَأَ مِنْهُ لَفْظُهُ وَمَعْنَاهُ دُونَ مَنْ بَلَّغَهُ عَنْهُ وَأَدَّاهُ وَأَنَّهُ كَلَامُ الْمُتَّصِفِ بِهِ مُبْتَدِئًا حَقِيقَةً سَوَاءً سُمِعَ مِنْهُ أَوْ سُمِعَ مِمَّنْ بَلَّغَهُ وَأَدَّاهُ بِفِعْلِهِ وَصَوْتِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ أَفْعَالَ الْعِبَادِ وَصِفَاتِهِمْ مَخْلُوقَةٌ وَأَنَّ قَوْلَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْمُؤْمِنِينَ: هَذَا كَلَامُ اللَّهِ وَمَا بَيْنَ اللَّوْحَيْنِ كَلَامُ اللَّهِ حَقِيقَةً لَا رَيْبَ فِيهِ وَأَنَّ " الْقُرْآنَ " الَّذِي يَقْرَؤُهُ الْمُسْلِمُونَ وَيَكْتُبُونَهُ وَيَحْفَظُونَهُ هُوَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى وَكَلَامُ اللَّهِ حَيْثُ تَصَرَّفَ غَيْرُ مَخْلُوقٍ. وَأَمَّا مَا اقْتَرَنَ بِتَبْلِيغِهِ وَقِرَاءَتِهِ مِنْ أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَصِفَاتِهِمْ فَإِنَّهُ مَخْلُوقٌ. لَكِنْ هَذَا الْمَوْضِعُ فِيهِ اشْتِبَاهٌ وَإِشْكَالٌ لَا تَحْتَمِلُ تَحْرِيرَهُ وَبَسْطَهُ هَذِهِ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّ صَاحِبَهَا مُسْتَوْفِزٌ عَجْلَانُ يُرِيدُ أَخْذَهَا؛ وَلِأَنَّ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute