للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذَلِكَ مِنْ الدِّقَّةِ وَالْغُمُوضِ مَا يَحْتَاجُ إلَى ذِكْرِ النُّصُوصِ وَبَيَانِ مَعَانِيهَا وَضَرْبِ الْأَمْثَالِ الَّتِي تُوَضِّحُ حَقِيقَةَ الْأَمْرِ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهُ. بَلْ الَّذِي يُعْلَمُ مِنْ حَيْثُ " الْجُمْلَةُ " أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَد وَالْأَئِمَّةَ الْكِبَارَ الَّذِينَ لَهُمْ فِي الْأُمَّةِ لِسَانُ صِدْقٍ عَامٌّ لَمْ يَتَنَازَعُوا فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا الْبَابِ؛ بَلْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَعْظَمَ عِلْمًا بِهِ وَقِيَامًا بِوَاجِبِهِ مِنْ بَعْضٍ. وَقَدْ غَلِطَ فِي بَعْضِ ذَلِكَ مِنْ أَكَابِرِ النَّاسِ جَمَاعَاتٌ. وَقَدْ رَدَّ الْإِمَامُ أَحْمَد عَامَّةَ الْبِدَعِ فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ وَالْأَئِمَّةِ.

فَأَوَّلُ مَا ابْتَدَعَ الْجَهْمِيَّة الْقَوْلَ " بِخَلْقِ الْقُرْآنِ " وَ " نَفْيِ الصِّفَاتِ " فَأَنْكَرَهَا مَنْ كَانَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مِنْ التَّابِعِينَ ثُمَّ تَابِعِي التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَكَفَّرُوا قَائِلَهَا. ثُمَّ ابْتَدَعَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْكَلَامِ الَّذِينَ نَاظَرُوا الْجَهْمِيَّة: الْقَوْلَ بِأَنَّ الْقُرْآنَ الْمُنَزَّلَ مَخْلُوقٌ أَوْ أَنَّهُ لَيْسَ بِكَلَامِ اللَّهِ أَوْ أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْمَصَاحِفِ وَلَا فِي الصُّدُورِ وَأَنْكَرَ بَعْضُهُمْ أَنْ تَكُونَ حُرُوفُ الْقُرْآنِ كَلَامَ اللَّهِ أَوْ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَكَلَّمَ بِالصَّوْتِ وَأَنْكَرَ الْإِمَامُ أَحْمَد وَأَئِمَّةُ وَقْتِهِ ذَلِكَ. وَقَابَلَهُمْ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالْحَدِيثِ؛ فَزَعَمُوا أَنَّ أَلْفَاظَ الْعِبَادِ وَأَصْوَاتَ الْعِبَادِ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ أَوْ ادَّعَوْا أَنَّ بَعْضَ أَفْعَالِ الْعِبَادِ أَوْ صِفَاتِهِمْ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ أَوْ أَنَّ مَا يَسْمَعُ مِنْ النَّاسِ مِنْ الْقُرْآنِ هُوَ مِثْلُ مَا يَسْمَعُ