وَهُوَ قَائِمٌ بِمَحَلِّ وَجَبَ أَنْ يُشْتَقَّ لِمَحَلِّهِ مِنْهُ اسْمٌ وَأَنْ لَا يُشْتَقَّ لِغَيْرِ مَحَلِّهِ مِنْهُ اسْمٌ. فَكَمَا أَنَّ الْحَيَاةَ وَالْعِلْمَ وَالْقُدْرَةَ إذَا قَامَ بِمَوْصُوفِ وَجَبَ أَنْ يُشْتَقَّ لَهُ مِنْهُ اسْمُ الْحَيِّ وَالْعَالَمِ وَالْقَادِرِ؛ وَلَا يُشْتَقُّ الْحَيُّ وَالْعَالَمُ وَالْقَادِرُ لِغَيْرِ مَنْ قَامَ بِهِ الْعِلْمُ وَالْقُدْرَةُ فَكَذَلِكَ الْقَوْلُ وَالْكَلَامُ وَالْحُبُّ وَالْبُغْضُ وَالرِّضَا وَالرَّحْمَةُ وَالْغَضَبُ وَالْإِرَادَةُ وَالْمَشِيئَةُ إذَا قَامَ بِمَحَلِّ وَجَبَ أَنْ يُشْتَقَّ لِذَلِكَ الْمَوْصُوفِ مِنْهُ الِاسْمُ وَالْفِعْلُ فَيُقَالُ: هُوَ الصَّادِقُ وَالشَّهِيدُ وَالْحَكِيمُ وَالْوَدُودُ وَالرَّحِيمُ وَالْآمِرُ وَلَا يُشْتَقُّ لِغَيْرِهِ مِنْهُ اسْمٌ. فَلَوْ لَمْ يَكُنْ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هُوَ الْقَائِلَ بِنَفْسِهِ: {أَنَا اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا أَنَا} بَلْ أَحْدَثَ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْآمِرَ بِهَذِهِ الْأُمُورِ وَلَا الْمُخْبِرَ بِهَذَا الْخَبَرِ وَلَكَانَ ذَلِكَ الْمَحَلُّ هُوَ الْآمِرَ بِهَذَا الْأَمْرِ الْمُخْبِرَ بِهَذَا الْخَبَرِ وَذَلِكَ الْمَحَلُّ: إمَّا الْهَوَاءُ وَإِمَّا غَيْرُهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْمَحَلُّ الْمَخْلُوقُ هُوَ الْقَائِلُ لِمُوسَى: {إنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إلَهَ إلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي} وَلِهَذَا كَانَ السَّلَفُ يَقُولُونَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَأَمْثَالِهَا: مَنْ قَالَ: إنَّهُ مَخْلُوقٌ فَقَدْ كَفَرَ. وَيَسْتَعْظِمُونَ الْقَوْلَ بِخَلْقِ هَذِهِ الْآيَةِ وَأَمْثَالِهَا أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهَا يَعْظُمُ عَلَيْهِمْ أَنْ تَقُومَ دَعْوَى الْإِلَهِيَّةِ وَالرُّبُوبِيَّةِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى. وَلِهَذَا كَانَ مَذْهَبُ جَمَاهِيرِ " أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْمَعْرِفَةِ " - وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَصْحَابِ الْإِمَامِ أَحْمَد وَأَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرِهِمْ: مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute