للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثُمَّ قَالَتْ " الْخَوَارِجُ ": فَيَكُونُ الْعَاصِي كَافِرًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ إلَّا مُؤْمِنٌ وَكَافِرٌ ثُمَّ اعْتَقَدُوا أَنَّ عُثْمَانَ وَعَلِيًّا وَغَيْرَهُمَا عَصَوْا وَمَنْ عَصَى فَقَدْ كَفَرَ فَكَفَّرُوا هَذَيْنِ الْخَلِيفَتَيْنِ وَجُمْهُورَ الْأُمَّةِ. وَقَالَتْ الْمُعْتَزِلَةُ بِالْمَنْزِلَةِ بَيْنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ إنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ الْإِيمَانِ وَلَا يَدْخُلُ فِي الْكُفْرِ. وَقَابَلَتْهُمْ " الْمُرْجِئَةُ " وَ " الْجَهْمِيَّة " وَمَنْ اتَّبَعَهُمْ مِنْ الْأَشْعَرِيَّةِ والكَرَّامِيَة. فَقَالُوا: لَيْسَ مِنْ الْإِيمَانِ فِعْلُ الْأَعْمَالِ الْوَاجِبَةِ وَلَا تَرْكُ الْمَحْظُورَاتِ الْبَدَنِيَّةِ وَالْإِيمَانُ لَا يَقْبَلُ الزِّيَادَةَ وَالنُّقْصَانَ؛ بَلْ هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ يَسْتَوِي فِيهِ جَمِيعُ الْمُؤْمِنِينَ: مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ وَالْمُقَرَّبِينَ وَالْمُقْتَصِدِينَ وَالظَّالِمِينَ. ثُمَّ قَالَ فُقَهَاءُ الْمُرْجِئَةِ: هُوَ التَّصْدِيقُ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَقَالَ أَكْثَرُ مُتَكَلِّمِيهِمْ: هُوَ التَّصْدِيقُ بِالْقَلْبِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: التَّصْدِيقُ بِاللِّسَانِ. قَالُوا: لِأَنَّهُ لَوْ دَخَلَتْ فِيهِ الْوَاجِبَاتُ الْعَمَلِيَّةُ لَخَرَجَ مِنْهُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا كَمَا قَالَتْ الْخَوَارِجُ وَنُكْتَةُ هَؤُلَاءِ جَمِيعِهِمْ تَوَهُّمُهُمْ أَنَّ مَنْ تَرَكَ بَعْضَ الْإِيمَانِ فَقَدْ تَرَكَهُ كُلَّهُ. وَأَمَّا " أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ " مِنْ الصَّحَابَةِ جَمِيعِهِمْ وَالتَّابِعِينَ وَأَئِمَّةِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ وَجَمَاهِيرِ الْفُقَهَاءِ وَالصُّوفِيَّةِ مِثْلِ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِي وَحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ