للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَغَيْرِهِمْ، وَمُحَقِّقِي أَهْلِ الْكَلَامِ فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ وَالدِّينَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ. هَذَا لَفْظُ السَّلَفِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَعْنِي بِالْإِيمَانِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ مَا يُغَايِرُ الْعَمَلَ؛ لَكِنَّ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ كُلَّهَا تَدْخُلُ أَيْضًا فِي مُسَمَّى الدِّينِ وَالْإِيمَانِ وَيَدْخُلُ فِي الْقَوْلِ قَوْلُ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَفِي الْعَمَلِ عَمَلُ الْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ. وَقَالَ الْمُفَسِّرُونَ لِمَذْهَبِهِمْ: إنَّ لَهُ أُصُولًا وَفُرُوعًا وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى أَرْكَانٍ وَوَاجِبَاتٍ - لَيْسَتْ بِأَرْكَانِ - وَمُسْتَحِبَّاتٍ؛ بِمَنْزِلَةِ اسْمِ الْحَجِّ وَالصَّلَاةِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْعِبَادَاتِ؛ فَإِنَّ اسْمَ الْحَجِّ يَتَنَاوَلُ كُلَّ مَا يُشْرَعُ فِيهِ مِنْ فِعْلٍ وَتَرْكٍ مِثْلِ الْإِحْرَامِ وَتَرْكِ مَحْظُورَاتِهِ وَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ وَمِنَى وَالطَّوَافِ بِبَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وَبَيْنَ الْجَبَلَيْنِ الْمُكْتَنِفَيْنِ بِهِ وَهُمَا الصَّفَا وَالْمَرْوَةُ. ثُمَّ الْحَجُّ مَعَ هَذَا مُشْتَمِلٌ عَلَى أَرْكَانٍ مَتَى تُرِكَتْ لَمْ يَصِحَّ الْحَجُّ كَالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ. وَعَلَى تَرْكِ مَحْظُورٍ مَتَى فَعَلَهُ فَسَدَ الْحَجُّ وَهُوَ الْوَطْءُ وَمُشْتَمِلٌ عَلَى وَاجِبَاتٍ: مِنْ فِعْلٍ وَتَرْكٍ يَأْثَمُ بِتَرْكِهَا عَمْدًا وَيَجِبُ مَعَ تَرْكِهَا - لِعُذْرِ أَوْ غَيْرِهِ - الْجُبْرَانُ بِدَمِ كَالْإِحْرَامِ مِنْ الْمَوَاقِيتِ الْمَكَانِيَّةِ وَالْجَمْعِ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ بِعَرَفَةَ وَكَرَمْيِ الْجِمَارِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَكَتَرْكِ اللِّبَاسِ الْمُعْتَادِ وَالتَّطَيُّبِ وَالصَّيْدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. وَمُشْتَمِلٌ عَلَى مُسْتَحِبَّاتٍ مِنْ فِعْلٍ وَتَرْكٍ يَكْمُلُ الْحَجُّ بِهَا؛ فَلَا يَأْثَمُ بِتَرْكِهَا وَلَا يَجِبُ دَمٌ مِثْلُ رَفْعِ الصَّوْتِ بِالْإِهْلَالِ وَالْإِكْثَارِ مِنْهُ وَسَوْقِ الْهَدْيِ وَذِكْرِ اللَّهِ،