مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَحَرِّكٌ وَلَا مُتَكَلِّمٌ إلَّا بِحَرَكَةِ وَكَلَامٍ فَلَا يَكُونُ مُرِيدٌ إلَّا بِإِرَادَةِ وَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ عَالِمٌ إلَّا بِعِلْمِ وَلَا قَادِرٌ إلَّا بِقُدْرَةِ وَنَحْوَ ذَلِكَ. ثُمَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءُ الْمُشْتَقَّةُ مِنْ الْمَصْدَرِ إنَّمَا يُسَمَّى بِهَا مَنْ قَامَ بِهِ مُسَمَّى الْمَصْدَرِ فَإِنَّمَا يُسَمَّى بِالْحَيِّ مَنْ قَامَتْ بِهِ الْحَيَاةُ وَبِالْمُتَحَرِّكِ مَنْ قَامَتْ بِهِ الْحَرَكَةُ وَبِالْعَالِمِ مَنْ قَامَ بِهِ الْعِلْمُ وَبِالْقَادِرِ مَنْ قَامَتْ بِهِ الْقُدْرَةُ. فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ مُسَمَّى الْمَصْدَرِ فَيَمْتَنِعُ أَنْ يُسَمَّى بِاسْمِ الْفَاعِلِ وَنَحْوِهِ مِنْ الصِّفَاتِ. وَهَذَا مَعْلُومٌ بِالِاعْتِبَارِ فِي جَمِيعِ النَّظَائِرِ. وَذَلِكَ لِأَنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ وَنَحْوَهُ مِنْ الْمُشْتَقَّاتِ هُوَ مُرَكَّبٌ يَدُلُّ عَلَى الذَّاتِ وَعَلَى الصِّفَةِ. وَالْمُرَكَّبُ يَمْتَنِعُ تَحَقُّقُهُ بِدُونِ تَحَقُّقِ مُفْرَدَاتِهِ. وَهَذَا كَمَا أَنَّهُ ثَابِتٌ فِي الْأَسْمَاءِ الْمُشْتَقَّةِ فَكَذَلِكَ فِي الْأَفْعَالِ: مِثْلُ تَكَلَّمَ وَكَلَّمَ وَيَتَكَلَّمُ وَيُكَلِّمُ وَعَلِمَ وَيَعْلَمُ وَسَمِعَ وَيَسْمَعُ وَرَأَى وَيَرَى وَنَحْوِ ذَلِكَ سَوَاءً قِيلَ: إنَّ الْفِعْلَ الْمُشْتَقَّ مِنْ الْمَصْدَرِ أَوْ الْمَصْدَرُ مُشْتَقٌّ مِنْ الْفِعْلِ لَا نِزَاعَ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ فَاعِلَ الْفِعْلِ هُوَ فَاعِلُ الْمَصْدَرِ. فَإِذَا قِيلَ كَلَّمَ أَوْ عَلِمَ أَوْ تَكَلَّمَ أَوْ تَعَلَّمَ فَفَاعِلُ التَّكْلِيمِ وَالتَّعْلِيمِ هُوَ الْمُكَلِّمُ وَالْمُعَلِّمُ وَكَذَلِكَ التَّعَلُّمُ وَالتَّكَلُّمُ وَالْفَاعِلُ هُوَ الَّذِي قَامَ بِهِ الْمَصْدَرُ الَّذِي هُوَ التَّكْلِيمُ وَالتَّعْلِيمُ وَالتَّكَلُّمُ وَالتَّعَلُّمُ فَإِذَا قِيلَ. تَكَلَّمَ فُلَانٌ أَوْ كَلَّمَ فُلَانٌ فُلَانًا فَفُلَانٌ هُوَ الْمُتَكَلِّمُ وَالْمُكَلِّمُ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute