للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تَكْلِيمًا} وَقَوْلُهُ: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} وَقَوْلُهُ: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} يَقْتَضِي أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُكَلِّمُ فَكَمَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُقَالَ: هُوَ مُتَكَلِّمٌ بِكَلَامِ قَائِمٍ بِغَيْرِهِ يَمْتَنِعُ أَنْ يُقَالَ كَلَّمَ بِكَلَامِ قَائِمٍ بِغَيْرِهِ. فَهَذِهِ خَمْسَةُ أَوْجُهٍ: (أَحَدُهَا أَنَّهُ يَلْزَمُ الْجَهْمِيَّة عَلَى قَوْلِهِمْ أَنْ يَكُونَ كُلُّ كَلَامٍ خَلَقَهُ اللَّهُ كَلَامًا لَهُ: إذْ لَا مَعْنَى لِكَوْنِ الْقُرْآنِ كَلَامَ اللَّهِ إلَّا كَوْنُهُ خَلَقَهُ وَكُلُّ مَنْ فَعَلَ كَلَامًا وَلَوْ فِي غَيْرِهِ كَانَ مُتَكَلِّمًا بِهِ عِنْدَهُمْ وَلَيْسَ لِلْكَلَامِ عِنْدَهُمْ مَدْلُولٌ يَقُومُ بِذَاتِ الرَّبِّ تَعَالَى لَوْ كَانَ مَدْلُولُ " قَائِمًا " يَدُلُّ لِكَوْنِهِ خَلَقَ صَوْتًا فِي مَحَلٍّ وَالدَّلِيلُ يَجِبُ طَرْدُهُ فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ كُلُّ صَوْتٍ يَخْلُقُهُ لَهُ كَذَلِكَ وَهُمْ يُجَوِّزُونَ أَنْ يَكُونَ الصَّوْتُ الْمَخْلُوقُ عَلَى جَمِيعِ الصِّفَاتِ فَلَا يَبْقَى فَرْقٌ بَيْنَ الصَّوْتِ الَّذِي هُوَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى قَوْلِهِمْ وَالصَّوْتُ الَّذِي هُوَ لَيْسَ بِكَلَامِ. (الثَّانِي أَنَّ الصِّفَةَ إذَا قَامَتْ بِمَحَلِّ كَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْكَلَامِ وَالْحَرَكَةِ عَادَ حُكْمُهَا إلَى ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَلَا يَعُودُ حُكْمُهَا إلَى غَيْرِهِ. (الثَّالِثُ أَنْ يُشْتَقَّ مِنْهُ الْمَصْدَرُ وَاسْمُ الْفَاعِلِ وَالصِّفَةُ الْمُشَبَّهَةُ بِهِ