للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْقَطْعِيَّةُ وَالْفَاعِلُ بِمَشِيئَتِهِ لَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ مَفْعُولِهِ لَازِمًا لِذَاتِهِ بِصَرِيحِ الْعَقْلِ وَاتِّفَاقِ عَامَّةِ الْعُقَلَاءِ. بَلْ وَكُلُّ فَاعِلٍ لَا يَكُونُ شَيْءٌ مِنْ مَفْعُولِهِ لَازِمًا لِذَاتِهِ وَلَا يُتَصَوَّرُ مُقَارَنَةُ مَفْعُولِهِ الْمُعَيَّنِ لَهُ وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ فَاعِلٌ بِغَيْرِ إرَادَةٍ فَكَيْفَ بِالْفَاعِلِ بِالْإِرَادَةِ. وَمَا يُذْكَرُ بِأَنَّ الْمَعْلُولَ يُقَارِنُ عِلَّتَهُ إنَّمَا يَصِحُّ فِيمَا كَانَ مِنْ الْعِلَلِ يَجْرِي مَجْرَى الشُّرُوطِ فَإِنَّ الشَّرْطَ لَا يَجِبُ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى الْمَشْرُوطِ بَلْ قَدْ يُقَارِنُهُ كَمَا تُقَارِنُ الْحَيَاةُ الْعِلْمَ وَأَمَّا مَا كَانَ فَاعِلًا سَوَاءً سُمِّيَ عِلَّةً أَوْ لَمْ يُسَمَّ عِلَّةً فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَى الْفِعْلِ الْمُعَيَّنِ وَالْفِعْلُ الْمُعَيَّنُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَارِنَهُ شَيْءٌ مِنْ مَفْعُولَاتِهِ وَلَا يَعْرِفَ الْعُقَلَاءُ فَاعِلًا قَطُّ يَلْزَمُهُ مَفْعُولٌ مُعَيَّنٌ. وَقَوْلُ الْقَائِلِ حَرَّكْت يَدِي فَتَحَرَّكَ الْخَاتَمُ هُوَ مِنْ بَابِ الشَّرْطِ لَا مِنْ بَابِ الْفَاعِلِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْعَالَمُ قَدِيمًا لَكَانَ فَاعِلُهُ مُوجِبًا بِذَاتِهِ فِي الْأَزَلِ وَلَمْ يَتَأَخَّرْ عَنْهُ مُوجَبُهُ وَمُقْتَضَاهُ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَحْدُثْ شَيْءٌ مِنْ الْحَوَادِثِ وَهَذَا خِلَافُ الْمُشَاهَدَةِ. وَإِنْ كَانَ هُوَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَزَلْ قَادِرًا عَلَى الْكَلَامِ وَالْفِعْلِ؛ بَلْ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إذَا شَاءَ فَاعِلًا لِمَا يَشَاءُ وَلَمْ يَزَلْ مَوْصُوفًا بِصِفَاتِ الْكَمَالِ مَنْعُوتًا بِنُعُوتِ الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ وَالْعَالَمُ فِيهِ مِنْ الْإِحْكَامِ وَالْإِتْقَانِ مَا دَلَّ عَلَى عِلْمِ الرَّبِّ وَفِيهِ مِنْ الِاخْتِصَاصِ مَا دَلَّ عَلَى مَشِيئَتِهِ وَفِيهِ مِنْ الْإِحْسَانِ مَا دَلَّ عَلَى رَحْمَتِهِ؛ وَفِيهِ مِنْ الْعَوَاقِبِ الْحَمِيدَةِ مَا دَلَّ عَلَى حِكْمَتِهِ وَفِيهِ