للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَطَائِفَةٌ قَالَتْ إذَا كَانَ الْقُرْآنُ غَيْرَ مَخْلُوقٍ فَلَا يَكُونُ إلَّا قَدِيمَ الْعَيْنِ لَازِمًا لِذَاتِ الرَّبِّ فَلَا يَتَكَلَّمُ بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ ثُمَّ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: هُوَ مَعْنًى وَاحِدٌ قَدِيمٌ فَجَعَلَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَآيَةَ الدَّيْنِ وَسَائِر آيَاتِ الْقُرْآنِ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَكُلَّ كَلَامٍ يَتَكَلَّمُ اللَّهُ بِهِ مَعْنًى وَاحِدًا لَا يَتَعَدَّدُ وَلَا يَتَبَعَّضُ وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: إنَّهُ حُرُوفٌ وَأَصْوَاتٌ مُقْتَرِنَةٌ لَازِمَةٌ لِلَذَّاتِ. وَهَؤُلَاءِ أَيْضًا وَافَقُوا الْجَهْمِيَّة وَالْمُعْتَزِلَةَ فِي أَصْل قَوْلِهِمْ إنَّهُ مُتَكَلِّمٌ بِكَلَامِ لَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَإِنَّهُ لَا تَقُومُ بِهِ الْأُمُورُ الِاخْتِيَارِيَّةُ وَإِنَّهُ لَمْ يَسْتَوِ عَلَى عَرْشِهِ بَعْدَ أَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَمْ يُنَادِ مُوسَى حِينَ نَادَاهُ وَلَا تُغْضِبُهُ الْمَعَاصِي وَلَا تُرْضِيه الطَّاعَاتُ وَلَا تُفْرِحُهُ تَوْبَةُ التَّائِبِينَ. وَقَالُوا فِي قَوْلِهِ: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} وَنَحْوِ ذَلِكَ: إنَّهُ لَا يَرَاهَا إذَا وُجِدَتْ؛ بَلْ إمَّا أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ رَائِيًا لَهَا وَإِمَّا أَنَّهُ لَمْ يَتَجَدَّدْ شَيْءٌ مَوْجُودٌ بَلْ تَعَلُّقٌ مَعْدُومٌ إلَى أَمْثَالِ هَذِهِ الْمَقَالَاتِ الَّتِي خَالَفُوا فِيهَا نُصُوصَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَعَ مُخَالَفَةِ صَرِيحِ الْعَقْلِ. وَاَلَّذِي أَلْجَأَهُمْ لِذَلِكَ مُوَافَقَتُهُمْ للجهمية عَلَى أَصْلِ قَوْلِهِمْ فِي أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يَقْدِرُ فِي الْأَزَلِ عَلَى الْفِعْلِ وَالْكَلَامِ وَخَالَفُوا السَّلَفَ وَالْأَئِمَّةَ فِي قَوْلِهِمْ: لَمْ يَزَلْ اللَّهُ مُتَكَلِّمًا إذَا شَاءَ ثُمَّ افْتَرَقُوا أَحْزَابًا أَرْبَعَةً كَمَا تَقَدَّمَ: الخلقية والحدوثية والاتحادية والِاقْتِرَانِيَّةُ.