للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَغَيْرِهِمَا - وَمُتَأَخِّرِيهِمْ - كالرَّازِي والآمدي - وَقَالُوا نَحْنُ لَا نُنْكِرُ أَنْ يَحْصُلَ لِنَاسِ عِلْمٌ ضَرُورِيٌّ بِمَا يَحْصُلُ لَنَا بِالنَّظَرِ هَذَا لَا نَدْفَعُهُ لَكِنْ إنْ لَمْ يَكُنْ عِلْمًا ضَرُورِيًّا فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ دَلِيلٍ وَالدَّلِيلُ يَكُونُ مُسْتَلْزِمًا لِلْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِحَيْثُ يَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ الدَّلِيلِ انْتِفَاءُ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ. قَالُوا: فَإِنْ كَانَ لَوْ دَفَعَ ذَلِكَ الِاعْتِقَادَ الَّذِي حَصَلَ لَهُ لَزِمَ دَفْعُ شَيْءٍ مِمَّا يَعْلَمُ بِالضَّرُورَةِ فَهَذَا هُوَ الدَّلِيلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَهَذَا هَوَسٌ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَبَسْطُ هَذَا لَهُ مَوْضِعٌ آخَرُ. وَالْمَقْصُودُ أَنَّ هَذَا الْجِنْسَ وَاقِعٌ لَكِنْ يَقَعُ أَيْضًا مَا يُظَنُّ أَنَّهُ مِنْهُ كَثِيرٌ أَوْ لَا يُمَيِّزُ كَثِيرٌ مِنْهُمْ الْحَقَّ مِنْ الْبَاطِلِ كَمَا يَقَعُ فِي الْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ وَالسَّمْعِيَّةِ. فَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَسْمَعُ خِطَابًا أَوْ يَرَى مَنْ يَأْمُرُهُ بِقَضِيَّةِ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْخِطَابُ مِنْ الشَّيْطَانِ وَيَكُونُ ذَلِكَ الَّذِي يُخَاطِبُهُ الشَّيْطَانُ وَهُوَ يَحْسَبُ أَنَّهُ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ مِنْ رِجَالِ الْغَيْبِ. وَرِجَالُ الْغَيْبِ هُمْ الْجِنُّ وَهُوَ يَحْسَبُ أَنَّهُ إنْسِيٌّ وَقَدْ يَقُولُ لَهُ: أَنَا الْخَضِرُ أَوْ إلْيَاسُ بَلْ أَنَا مُحَمَّدٌ أَوْ إبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ أَوْ الْمَسِيحُ أَوْ أَبُو بَكْرٍ أَوْ عُمَرُ أَوْ أَنَا الشَّيْخُ فُلَانٌ أَوْ الشَّيْخُ فُلَانٌ مِمَّنْ يُحْسِنُ بِهِمْ الظَّنَّ وَقَدْ يَطِيرُ بِهِ فِي الْهَوَاءِ أَوْ يَأْتِيهِ بِطَعَامِ أَوْ شَرَابٍ أَوْ نَفَقَةٍ فَيَظُنُّ هَذَا كَرَامَةً؛ بَلْ آيَةً وَمُعْجِزَةً تَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا مِنْ رِجَالِ الْغَيْبِ أَوْ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَيَكُونُ ذَلِكَ شَيْطَانًا لَبَّسَ عَلَيْهِ فَهَذَا