للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَا مِنْ صِفَةٍ يَنْفِيهَا لِأَنَّهَا تَسْتَلْزِمُ التَّجْسِيمَ وَتَكُونُ مِنْ صِفَاتِ الْأَجْسَامِ إلَّا يُقَالُ لَهُ فِيمَا أَثْبَتَهُ نَظِيرُ مَا يَقُولُهُ هُوَ فِي نَفْسِ تِلْكَ الصِّفَةِ. فَإِنْ كَانَ مُثْبِتًا لِبَعْضِ الصِّفَاتِ قِيلَ لَهُ: الْقَوْلُ فِي هَذِهِ الصِّفَةِ الَّتِي تَنْفِيهَا كَالْقَوْلِ فِيمَا أَثْبَتّه فَإِنْ كَانَ هَذَا تَجْسِيمًا وَقَوْلًا بَاطِلًا فَهَذَا كَذَلِكَ وَإِنْ قُلْت: أَنَا أُثْبِتُ هَذَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَلِيقُ بِالرَّبِّ قِيلَ لَهُ: وَكَذَلِكَ هَذَا. وَإِنْ قُلْت: أَنَا أُثْبِتُهُ وَأَنْفِي التَّجْسِيمَ. قِيلَ: وَهَذَا كَذَلِكَ فَلَيْسَ لَك أَنْ تُفَرِّقَ بِهِ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ. وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُثْبِتُ الْأَسْمَاءَ وَيَنْفِي الصِّفَاتِ كَالْمُعْتَزِلَةِ قِيلَ لَهُ فِي الصِّفَاتِ مَا يَقُولُهُ هُوَ فِي الْأَسْمَاءِ فَإِذَا كَانَ يُثْبِتُ حَيًّا عَالِمًا قَادِرًا وَهُوَ لَا يَعْرِفُ مَنْ هُوَ مُتَّصِفٌ بِذَلِكَ إلَّا جِسْمًا كَانَ إثْبَاتُ أَنَّ لَهُ عِلْمًا وَقُدْرَةً كَمَا نَطَقَ بِهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ كَذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُثْبِتُ لَا الْأَسْمَاءَ وَلَا الصِّفَاتِ كالْجَهْمِيَّة الْمَحْضَةِ وَالْمَلَاحِدَةِ قِيلَ لَهُ: فَلَا بُدَّ أَنْ تُثْبِتَ مَوْجُودًا قَائِمًا بِنَفْسِهِ وَأَنْتَ لَا تَعْرِفُ ذَلِكَ إلَّا جِسْمًا وَإِنْ قَالَ: لَا أُسَمِّيهِ بِاسْمِ لَا إثْبَاتَ وَلَا نَفْيَ. قِيلَ لَهُ: سُكُوتُك لَا يَنْفِي الْحَقَائِقَ وَلَا وَاسِطَةَ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ حَقًّا ثَابِتًا مَوْجُودًا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بَاطِلًا مَعْدُومًا.