للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَيْضًا فَإِنْ كُنْت لَمْ تَعْرِفْهُ فَأَنْتَ جَاهِلٌ فَلَا تَتَكَلَّمْ وَإِنْ عَرَفْته فَلَا بُدَّ أَنْ تُمَيِّزَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ بِمَا يَخْتَصُّ بِهِ مِثْلَ أَنْ تَقُولَ: رَبُّ الْعَالَمِينَ أَوْ الْقَدِيمُ الْأَزَلِيُّ أَوْ الْمَوْجُودُ بِنَفْسِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ أَثْبَتّ حَيًّا مَوْجُودًا قَائِمًا بِنَفْسِهِ وَأَثْبَتّه فَاعِلًا وَأَنْتَ لَا تَعْرِفُ مَا هُوَ كَذَلِكَ إلَّا الْجِسْمَ. وَإِنْ قُدِّرَ أَنَّهُ جَاحِدٌ لَهُ قِيلَ لَهُ: فَهَذَا الْوُجُودُ مَشْهُودٌ فَإِنْ كَانَ قَدِيمًا أَزَلِيًّا مَوْجُودًا بِنَفْسِهِ فَقَدْ يُثْبِتُ جِسْمَ قَدِيمٍ أَزَلِيٍّ مَوْجُودٍ بِنَفْسِهِ وَهُوَ مَا فَرَرْت مِنْهُ وَإِنْ كَانَ مَخْلُوقًا مَصْنُوعًا فَلَهُ خَالِقٌ خَلَقَهُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَدِيمًا أَزَلِيًّا؛ فَقَدْ ثَبَتَ الْمَوْجُودُ الْقَائِمُ بِنَفْسِهِ الْقَدِيمُ الْأَزَلِيُّ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ. وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَهُنَا قَدْ نَبَّهْنَا عَلَى ذَلِكَ هُوَ أَنَّهُ كُلُّ مَنْ بَنَى تَنْزِيهَهُ لِلرَّبِّ عَنْ النَّقَائِصِ وَالْعُيُوبِ عَلَى نَفْيِ الْجِسْمِ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُنَزِّهَهُ عَنْ عَيْبٍ أَصْلًا بِهَذِهِ الْحُجَّةِ وَكَذَلِكَ مَنْ جَعَلَ عُمْدَتَهُ نَفْيَ التَّرْكِيبِ. وَمَنْ تَدَبَّرَ مَا ذَكَرُوهُ فِي كُتُبِهِمْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُمْ لَمْ يُقِيمُوا حُجَّةً عَلَى وُجُودِهِ فَلَا هُمْ أَثْبَتُوهُ وَأَثْبَتُوا لَهُ مَا يَسْتَحِقُّهُ وَلَا نَزَّهُوهُ وَنَفَوْا عَنْهُ مَا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ؛ إذْ كَانَ إثْبَاتُهُ هُوَ إثْبَاتَ حُدُوثِ الْجِسْمِ وَلَمْ يُقِيمُوا عَلَى ذَلِكَ دَلِيلًا وَالنَّفْيُ اعْتَمَدُوا فِيهِ عَلَى ذَلِكَ وَهُمْ مُتَنَاقِضُونَ فِيهِ لَوْ