فَتَبَيَّنَ أَنَّ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ مُخَالِفَةٌ لِلشَّرْعِ وَالْعَقْلِ وَأَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِمَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ وَلِمَا فَطَرَ عَلَيْهِ عِبَادَهُ وَأَنَّ أَهْلَهَا مِنْ جِنْسِ الَّذِينَ قَالُوا {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} . وَقَدْ بَيَّنَّا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ فَسَادَ مَا ذَكَرَهُ الرَّازِي مِنْ أَنَّ طَرِيقَةَ الْوُجُوبِ وَالْإِمْكَانِ مِنْ أَعْظَمِ الطُّرُقِ وَبَيَّنَّا فَسَادَهَا وَأَنَّهَا لَا تُفِيدُ عِلْمًا وَأَنَّهُمْ لَمْ يُقِيمُوا دَلِيلًا عَلَى إثْبَاتِ وَاجِبِ الْوُجُودِ وَأَنَّ طَرِيقَةَ الْكَمَالِ أَشْرَفُ مِنْهَا وَعَلَيْهَا اعْتِمَادُ الْعُقَلَاءِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا وَهُوَ قَدْ اعْتَرَفَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ بِأَنَّهُ قَدْ تَأَمَّلَ الطُّرُقَ الْكَلَامِيَّةَ وَالْمَنَاهِجَ الْفَلْسَفِيَّةَ فَمَا وَجَدَهَا تَشْفِي عَلِيلًا وَلَا تَرْوِي غَلِيلًا وَوَجَدَ أَقْرَبَ الطُّرُقِ طَرِيقَةَ الْقُرْآنِ. وَطَرِيقَةُ الْوُجُوبِ وَالْإِمْكَانِ لَمْ يَسْلُكْهَا أَحَدٌ قَبْلَ ابْنِ سِينَا وَهُوَ أَخَذَهَا مِنْ كَلَامِ الْمُتَكَلِّمِينَ الَّذِينَ قَسَّمُوا الْوُجُودَ إلَى مُحْدَثٍ وَقَدِيمٍ فَقَسَّمَهُ هُوَ إلَى وَاجِبٍ وَمُمْكِنٍ؛ لِيُمْكِنَهُ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْفَلَكَ مُمْكِنٌ مَعَ قِدَمِهِ وَخَالَفَ بِذَلِكَ عَامَّةَ الْعُقَلَاءِ مِنْ سَلَفِهِ وَغَيْرِ سَلَفِهِ وَخَالَفَ نَفْسَهُ فَإِنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي الْمَنْطِقِ مَا ذَكَرَهُ سَلَفُهُ مِنْ أَنَّ الْمُمْكِنَ لَا يَكُونُ إلَّا مُحْدَثًا كَمَا قَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. ثُمَّ إنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ سَلَكُوا هَذِهِ الطَّرِيقَةَ انْتَهَتْ بِهِمْ إلَى قَوْلِ فِرْعَوْنَ؛ فَإِنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute