للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلَى فِرْعَوْنَ فَقَالَ: وَلِمَ؟ قُلْت: لِأَنَّ مُوسَى أَغْرَقَ فِرْعَوْنَ فَانْقَطَعَ وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِالظُّهُورِ الْكَوْنِيِّ فَقُلْت لِعَبْدِ السَّيِّدِ - وَكَانَ هَذَا قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ - نَفَعَتْك الْيَهُودِيَّةُ يَهُودِيٌّ خَيْرٌ مِنْ فِرْعَوْنِيٍّ. وَفِيهِمْ جَمَاعَاتٌ لَهُمْ عِبَادَةٌ وَزُهْدٌ وَصَدْقٌ فِيمَا هُمْ فِيهِ وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُ حَقٌّ وَعَامَّتُهُمْ - الَّذِينَ يُقِرُّونَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا بِأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَأَنَّهُ أَفْضَلُ الْخَلْقِ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءُ - لَا يَفْهَمُونَ حَقِيقَةَ قَوْلِهِمْ؛ بَلْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُ تَحْقِيقُ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ وَأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ كَلَامِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ فِي حَقَائِقِ الْإِيمَانِ وَالدِّينِ وَهُمْ مِنْ خَوَاصِّ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ فَيَحْسَبُونَ هَؤُلَاءِ مِنْ جِنْسِ أُولَئِكَ مِنْ جِنْسِ الْفُضَيْل بْنِ عِيَاضٍ وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ وَأَبِي سُلَيْمَانَ الداراني وَالسَّرِيِّ السقطي والْجُنَيْد بْنِ مُحَمَّدٍ وَسَهْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ. وَأَمَّا عرافهم الَّذِينَ يَعْلَمُونَ حَقِيقَةَ قَوْلِهِمْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ لَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَيَقُولُونَ مَا يَقُولُ ابْنُ عَرَبِيٍّ وَنَحْوُهُ إنَّ الْأَوْلِيَاءَ أَفْضَلُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ وَإِنَّ خَاتَمَ الْأَوْلِيَاءِ أَفْضَلُ مِنْ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ وَإِنَّ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ يَسْتَفِيدُونَ مَعْرِفَةَ اللَّهِ مِنْ مِشْكَاةِ خَاتَمِ الْأَوْلِيَاءِ وَأَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الْمَعْدِنِ الَّذِي يَأْخُذُ مِنْهُ الْمَلَكُ الَّذِي يَأْتِي خَاتَمَ الْأَنْبِيَاءِ فَإِنَّهُمْ مُتَجَهِّمَةٌ مُتَفَلْسِفَةٌ يُخْرِجُونَ أَقْوَالَ الْمُتَفَلْسِفَةِ والْجَهْمِيَّة فِي قَالَبِ الْكَشْفِ.