وَعِنْدَ الْمُتَفَلْسِفَةِ أَنَّ جِبْرِيلَ إنَّمَا هُوَ خَيَالٌ فِي نَفْسِ النَّبِيِّ لَيْسَ هُوَ مَلَكًا يَأْتِي مِنْ السَّمَاءِ وَالنَّبِيُّ عِنْدَهُمْ يَأْخُذُ مِنْ هَذَا الْخَيَالِ وَأَمَّا خَاتَمُ الْأَوْلِيَاءِ فِي زَعْمِهِمْ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ الْعَقْلِ الْمُجَرَّدِ الَّذِي يَأْخُذُ مِنْهُ الْخَيَالُ؛ فَهُوَ يَأْخُذُ مِنْ الْمَعْدِنِ الَّذِي يَأْخُذُ مِنْهُ الْمَلَكُ الَّذِي يُوحِي بِهِ إلَى الرَّسُولِ. وَهُمْ يُعَظِّمُونَ فِرْعَوْنَ. وَيَقُولُونَ مَا قَالَهُ صَاحِبُ " الْفُصُوصِ " قَالَ: وَلَمَّا كَانَ فِرْعَوْنُ فِي مَنْصِبِ التَّحَكُّمِ صَاحِبِ الْوَقْتِ وَأَنَّهُ جَارٍ فِي الْعُرْفِ الناموسي؛ لِذَلِكَ قَالَ: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} أَيْ وَإِنْ كَانَ الْكُلُّ أَرْبَابًا بِنِسْبَةِ مَا فَأَنَا الْأَعْلَى مِنْهُمْ بِمَا أُعْطِيته فِي الظَّاهِرِ مِنْ الْحُكْمِ فِيكُمْ قَالَ: وَلَمَّا عَلِمَتْ السَّحَرَةُ صِدْقَ فِرْعَوْنَ فِيمَا قَالَهُ لَمْ يُنْكِرُوهُ وَأَقَرُّوا لَهُ بِذَلِكَ. وَقَالُوا لَهُ: {فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} قَالَ: فَصَحَّ قَوْلُ فِرْعَوْنَ {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} وَإِنْ كَانَ فِرْعَوْنُ عَيْنَ الْحَقِّ. وَحَدَّثَنِي الثِّقَةُ الَّذِي كَانَ مِنْهُمْ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُمْ أَنَّ أَبْغَضَ النَّاسِ إلَيْهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: وَإِذَا نَهَقَ الْحِمَارُ وَنَبَحَ الْكَلْبُ سَجَدُوا لَهُ وَقَالُوا هَذَا هُوَ اللَّهُ فَإِنَّهُ مَظْهَرٌ مِنْ الْمَظَاهِرِ. قَالَ: فَقُلْت لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَيْضًا مَظْهَرٌ مِنْ الْمَظَاهِرِ فَاجْعَلُوهُ كَسَائِرِ الْمَظَاهِرِ وَأَنْتُمْ تُعَظِّمُونَ الْمَظَاهِرَ كُلَّهَا أَوْ اُسْكُتُوا عَنْهُ قَالَ فَقَالُوا لِي: مُحَمَّدٌ نُبْغِضُهُ فَإِنَّهُ أَظْهَرَ الْفَرْقَ وَدَعَا إلَيْهِ وَعَاقَبَ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِهِ قَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute