للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هَؤُلَاءِ الْمَحْجُوبُونَ لَا يَرَوْنَ هَذَا. فَإِذَا كَانَ مَا ثَمَّ غَيْرٌ وَلَا سِوَى فَمَنْ الْمَحْجُوبُ وَمَنْ الْحَاجِبُ؟ وَمَنْ الَّذِي لَيْسَ بِمَحْجُوبِ وَعَمَّ حُجِبَ؟ فَقَدْ أَثْبَتُوا أَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ: قَوْمٌ مَحْجُوبُونَ وَقَوْمٌ لَيْسُوا بِمَحْجُوبِينَ وَأَمْرٌ انْكَشَفَ لِهَؤُلَاءِ وَحُجِبَ عَنْ أُولَئِكَ. فَأَيْنَ هَذَا مِنْ قَوْلِهِمْ مَا ثَمَّ اثْنَانِ وَلَا وُجُودَانِ؟ كَمَا حَدَّثَنِي الثِّقَةُ أَنَّهُ قَالَ للتلمساني: فَعَلَى قَوْلِكُمْ لَا فَرْقَ بَيْنَ امْرَأَةِ الرَّجُلِ وَأُمِّهِ وَابْنَتِهِ؟ قَالَ: نَعَمْ الْجَمِيعُ عِنْدَنَا سَوَاءٌ؛ لَكِنْ هَؤُلَاءِ الْمَحْجُوبُونَ قَالُوا حَرَامٌ فَقُلْنَا حَرَامٌ عَلَيْكُمْ فَقِيلَ لَهُمْ: فَمَنْ الْمُخَاطِبُ لِلْمَحْجُوبِينَ أَهُوَ هُمْ أَمْ غَيْرُهُمْ؟ فَإِنْ كَانُوا هُمْ فَقَدْ حَرُمَ عَلَى نَفْسِهِ لَمَّا زَعَمَ أَنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهِمْ دُونَهُ وَإِنْ كَانُوا غَيْرَهُ فَقَدْ أَثْبَتَ غيرين وَعِنْدَهُمْ مَا ثَمَّ غَيْرٌ. وَهَؤُلَاءِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِمْ الْوَاحِدُ بِالنَّوْعِ بِالْوَاحِدِ بِالْعَيْنِ فَإِنَّهُ يُقَالُ: الْوُجُودُ وَاحِدٌ كَمَا يُقَالُ: الْإِنْسَانِيَّةُ وَاحِدَةٌ والحيوانية وَاحِدَةٌ أَيْ يَعْنِي وَاحِدٌ كُلِّيٌّ وَهَذَا الْكُلِّيُّ لَا يَكُونُ كُلِّيًّا إلَّا فِي الذِّهْنِ لَا فِي الْخَارِجِ فَظَنُّوا هَذَا الْكُلِّيَّ ثَابِتًا فِي الْخَارِجِ ثُمَّ ظَنُّوهُ هُوَ اللَّهُ وَلَيْسَ فِي الْخَارِجِ كُلِّيٌّ مَعَ كَوْنِهِ كُلِّيًّا وَإِنَّمَا يَكُونُ كُلِّيًّا فِي الذِّهْنِ وَإِذَا قُدِّرَ فِي الْخَارِجِ كُلِّيٌّ فَهُوَ جُزْءٌ مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ وَقَائِمٌ بِهَا لَيْسَ هُوَ مُتَمَيِّزًا قَائِمًا بِنَفْسِهِ فَحَيَوَانِيَّةُ الْحَيَوَانِ وَإِنْسَانِيَّةُ الْإِنْسَانِ سَوَاءٌ قُدِّرَتْ مُعَيَّنَةً أَوْ مُطْلَقَةً هِيَ صِفَةٌ لَهُ وَيَمْتَنِعُ أَنْ تَكُونَ صِفَةُ الْمَوْصُوفِ مُبْدِعَةً لَهُ وَلَوْ