الْكَلَامِ وَالنَّظَرِ مِنْ ذَلِكَ مَا لَا يُوجَدُ عَنْ أَئِمَّتِهِمْ وَمُتَقَدِّمِيهِمْ. وَهَؤُلَاءِ الْمُتَأَخِّرُونَ - مَعَ ضَلَالِهِمْ وَجَهْلِهِمْ - يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ أَعْلَمُ وَأَعْرَفُ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَمُتَقَدِّمِيهَا حَتَّى آلَ الْأَمْرُ بِهِمْ إلَى أَنْ جَعَلُوا الْوُجُودَ وَاحِدًا كَمَا فَعَلَ ابْنُ عَرَبِيٍّ صَاحِبُ الْفُصُوصِ وَأَمْثَالُهُ فَإِنَّهُمْ دَخَلُوا مِنْ هَذَا الْبَابِ حَتَّى خَرَجُوا مِنْ كُلِّ عَقْلٍ وَدِينٍ وَهُمْ يَدَّعُونَ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ الشُّيُوخَ الْمُتَقَدِّمِينَ: كالْجُنَيْد بْنِ مُحَمَّدٍ وَسَهْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التستري وَإِبْرَاهِيمَ الْخَوَّاصِ وَغَيْرِهِمْ مَاتُوا وَمَا عَرَفُوا التَّوْحِيدَ وَيُنْكِرُونَ عَلَى الْجُنَيْد وَأَمْثَالِهِ إذَا مَيَّزُوا بَيْنَ الرَّبِّ وَالْعَبْدِ كَقَوْلِهِ: " التَّوْحِيدُ " إفْرَادُ الْحُدُوثِ عَنْ الْقِدَمِ. وَلَعَمْرِي إنَّ تَوْحِيدَهُمْ الَّذِي جَعَلُوا فِيهِ وُجُودَ الْمَخْلُوقِ وُجُودَ الْخَالِقِ هُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْإِلْحَادِ الَّذِي أَنْكَرَهُ الْمَشَايِخُ الْمُهْتَدُونَ وَهُمْ عَرَفُوا أَنَّهُ بَاطِلٌ فَأَنْكَرُوهُ وَحَذَّرُوا النَّاسَ مِنْهُ وَأَمَرُوهُمْ بِالتَّمْيِيزِ بَيْنَ الرَّبِّ وَالْعَبْدِ وَالْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ وَالْقَدِيمِ وَالْمُحْدَثِ وَأَنْ التَّوْحِيدَ أَنْ يَعْلَمَ مُبَايَنَةَ الرَّبِّ لِمَخْلُوقَاتِهِ وَامْتِيَازَهُ عَنْهَا وَأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَخْلُوقَاتِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَاتِهِ وَلَا فِي ذَاتِهِ شَيْءٌ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ. ثُمَّ إنَّهُمْ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ أَعْلَمُ بِاَللَّهِ مِنْ الْمُرْسَلِينَ وَأَنَّ الرُّسُلَ إنَّمَا تَسْتَفِيدُ مَعْرِفَةَ اللَّهِ مِنْ مِشْكَاتِهِمْ وَيُفَسِّرُونَ الْقُرْآنَ بِمَا يُوَافِقُ بَاطِنَهُمْ الْبَاطِلَ كَقَوْلِهِ: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ} فَهِيَ الَّتِي خَطَتْ بِهِمْ فَغَرِقُوا فِي بِحَارِ الْعِلْمِ بِاَللَّهِ وَقَوْلِهِمْ إنَّ الْعَذَابَ مُشْتَقٌّ مِنْ الْعُذُوبَةِ وَيَقُولُونَ: إنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute