للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَلَامَ نُوحٍ فِي حَقِّ قَوْمِهِ ثَنَاءٌ عَلَيْهِمْ بِلِسَانِ الذَّمِّ وَيُفَسِّرُونَ قَوْله تَعَالَى {إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} بِعِلْمِ الظَّاهِرِ بَلْ {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} فَلَا يَعْلَمُونَ غَيْرَهُ {وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ} فَلَا يَسْمَعُونَ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا يَرَوْنَ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ لَا غَيْرَ لَهُ فَلَا يَرَوْنَ غَيْرَهُ. وَيَقُولُونَ فِي قَوْلِهِ: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إلَّا إيَّاهُ} أَنَّ مَعْنَاهُ قَدَّرَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ مَوْجُودٌ سِوَاهُ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُعْبَدَ غَيْرُهُ فَكُلُّ مَنْ عَبَدَ الْأَصْنَامَ وَالْعِجْلَ مَا عَبَدَ غَيْرَهُ لِأَنَّهُ مَا ثَمَّ غَيْرٌ وَأَمْثَالُ هَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ وَالتَّفْسِيرَاتِ الَّتِي يَعْلَمُ كُلُّ مُؤْمِنٍ وَكُلُّ يَهُودِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ عِلْمًا ضَرُورِيًّا أَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِمَا جَاءَتْ بِهِ الرُّسُلُ كَمُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ. وَجِمَاعُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْبَابَ نَوْعَانِ: " أَحَدُهُمَا " أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى الْمَذْكُورُ بَاطِلًا؛ لِكَوْنِهِ مُخَالِفًا لِمَا عَلِمَ فَهَذَا هُوَ فِي نَفْسِهِ بَاطِلٌ فَلَا يَكُونُ الدَّلِيلُ عَلَيْهِ إلَّا بَاطِلًا؛ لِأَنَّ الْبَاطِلَ لَا يَكُونُ عَلَيْهِ دَلِيلٌ يَقْتَضِي أَنَّهُ حَقٌّ. و " الثَّانِي " مَا كَانَ فِي نَفْسِهِ حَقًّا لَكِنْ يَسْتَدِلُّونَ عَلَيْهِ مِنْ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ بِأَلْفَاظِ لَمْ يُرِدْ بِهَا ذَلِكَ فَهَذَا الَّذِي يُسَمُّونَهُ " إشَارَاتٍ " و " حَقَائِقُ التَّفْسِيرِ " لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِيهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ كَثِيرٌ.