للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَلَامٌ مُجْمَلٌ يُمْكِنُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ مَعْنًى صَحِيحًا أَيْ لَوْلَا الْخَالِقُ لَمَا وُجِدَ الْمُكَلَّفُونَ وَلَا خُلِقَ لِأَمْرِ اللَّهِ لَكِنْ قَدْ عُرِفَ أَنَّهُ لَا يَقُولُ بِهَذَا وَأَنَّ مُرَادَهُ الْوَحْدَةَ وَالْحُلُولَ وَالِاتِّحَادَ؛ وَلِهَذَا قَالَ: - شِئْنَاك فَأَنْشَأْنَاك خَلْقًا بَشَرًا كَيْ تَشْهَدَنَا فِي أَكْمَلِ الْأَشْيَاءِ فَبَيَّنَ أَنَّ الْعَبِيدَ يَشْهَدُونَهُ فِي أَكْمَلِ الْأَشْيَاءِ وَهِيَ الصُّورَةُ الْإِنْسَانِيَّةُ وَهَذَا يُشِيرُ إلَى الْحُلُولِ - وَهُوَ حُلُولُ الْحَقِّ فِي الْخَلْقِ - لَكِنَّهُ مُتَنَاقِضٌ فِي كَلَامِهِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَرْضَى بِالْحُلُولِ وَلَا يُثْبِتُ مَوْجُودِينَ حَلَّ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ بَلْ عِنْدَهُ وُجُودُ الْحَالِ هُوَ عَيْنُ وُجُودِ الْمَحَلِّ؛ لَكِنَّهُ يَقُولُ بِالْحُلُولِ بَيْنَ الثُّبُوتِ وَالْوُجُودِ فَوُجُودُ الْحَقِّ حَلَّ فِي ثُبُوتِ الْمُمْكِنَات وَثُبُوتُهَا حَلَّ فِي وُجُودِهِ؛ وَهَذَا الْكَلَامُ لَا حَقِيقَةَ لَهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا؛ لَكِنَّهُ هُوَ مَذْهَبُهُ الْمُتَنَاقِضُ فِي نَفْسِهِ.

وَأَمَّا الرَّجُلُ الَّذِي طَلَبَ مِنْ وَالِدِهِ الْحَجَّ فَأَمَرَهُ أَنْ يَطُوفَ بِنَفْسِ الْأَبِ فَقَالَ: طُفْ بِبَيْتِ مَا فَارَقَهُ اللَّهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ قَطُّ ": فَهَذَا كُفْرٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ فَإِنَّ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ مِمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ وَأَمَّا الطَّوَافُ بِالْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ فَحَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ؛ وَمَنْ اعْتَقَدَ ذَلِكَ دِينًا فَهُوَ كَافِرٌ سَوَاءٌ طَافَ بِبَدَنِهِ أَوْ بِقَبْرِهِ. وَقَوْلُهُ: " مَا فَارَقَهُ اللَّهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ قَطُّ ": إنْ أَرَادَ بِهِ الْحُلُولَ الْمُطْلَقَ الْعَامَّ فَهُوَ مَعَ بُطْلَانِهِ مُتَنَاقِضٌ فَإِنَّهُ لَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَ الطَّائِفِ وَالْمَطُوفِ بِهِ فَلَمْ يَكُنْ طَوَافٌ