للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هَذَا بِهَذَا أَوْلَى مِنْ الْعَكْسِ؛ بَلْ هَذَا يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ يُطَافُ بِالْكِلَابِ وَالْخَنَازِيرِ وَالْكُفَّارِ وَالنَّجَاسَاتِ وَالْأَقْذَارِ وَكُلِّ خَبِيثٍ وَكُلِّ مَلْعُونٍ؛ لِأَنَّ الْحُلُولَ وَالِاتِّحَادَ الْعَامَّ يَتَنَاوَلُ هَذَا كُلَّهُ. وَقَدْ قَالَ مَرَّةً شَيْخُهُمْ الشِّيرَازِيُّ لِشَيْخِهِ التلمساني وَقَدْ مَرَّ بِكَلْبِ أَجْرَبَ مَيِّتٍ: هَذَا أَيْضًا مِنْ ذَاتِ اللَّهِ؟ فَقَالَ: وَثَمَّ خَارِجٌ عَنْهُ؟ وَمَرَّ التلمساني وَمَعَهُ شَخْصٌ بِكَلْبِ فَرَكَضَهُ الْآخَرُ بِرِجْلِهِ فَقَالَ: لَا تَرْكُضْهُ فَإِنَّهُ مِنْهُ وَهَذَا مَعَ أَنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ الْكُفْرِ وَالْكَذِبِ الْبَاطِلِ فِي الْعَقْلِ وَالدِّينِ: فَإِنَّهُ مُتَنَاقِضٌ فَإِنَّ الرَّاكِضَ وَالْمَرْكُوضَ وَاحِدٌ وَكَذَلِكَ النَّاهِي وَالْمَنْهِيُّ فَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِأَوْلَى بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مِنْ شَيْءٍ وَلَا يُعْقَلُ مَعَ الْوَحْدَةِ تَعَدُّدٌ وَإِذَا قِيلَ مَظَاهِرُ وَمَجَالِي: قِيلَ إنْ كَانَ لَهَا وُجُودٌ غَيْرُ وُجُودِ الظَّاهِرِ وَالْمُتَجَلِّي فَقَدْ ثَبَتَ التَّعَدُّدُ وَبَطَلَتْ الْوَحْدَةُ؛ وَإِنْ كَانَ وُجُودُ هَذَا هُوَ وُجُودُ هَذَا: لَمْ يَبْقَ بَيْنَ الظَّاهِرِ وَالْمُظْهِرِ وَالْمُتَجَلِّي فِيهِ فَرْقٌ. وَإِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ: مَا فَارَقَهُ اللَّهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ الْحُلُولَ الْخَاصَّ - كَمَا تَقُولُهُ النَّصَارَى فِي الْمَسِيحِ - لَزِمَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْحُلُولُ ثَابِتًا لَهُ مِنْ حِينِ خُلِقَ - كَمَا تَقُولُهُ النَّصَارَى فِي الْمَسِيحِ - فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ حَاصِلًا لَهُ بِمَعْرِفَتِهِ وَعِبَادَتِهِ وَتَحْقِيقِهِ وَعِرْفَانِهِ. وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ فَرْقٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ مِنْ الْآدَمِيِّينَ فَلِمَاذَا يَكُونُ الْحُلُولُ ثَابِتًا لَهُ دُونَ غَيْرِهِ؟ وَهَذَا شَرٌّ مِنْ قَوْلِ النَّصَارَى؛ فَإِنَّ النَّصَارَى ادَّعَوْا ذَلِكَ فِي الْمَسِيحِ لِكَوْنِهِ خُلِقَ مِنْ غَيْرِ أَبٍ وَهَؤُلَاءِ الشُّيُوخُ لَمْ يُفَضَّلُوا فِي نَفْسِ التَّخْلِيقِ وَإِنَّمَا فُضِّلُوا بِالْعِبَادَةِ وَالْمَعْرِفَةِ وَالتَّحْقِيقِ وَالتَّوْحِيدِ.