وَهَذَا أَمْرٌ حَصَلَ لَهُمْ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ فَإِذَا كَانَ هَذَا هُوَ سَبَبُ الْحُلُولِ: وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْحُلُولُ فِيهِمْ حَادِثًا لَا مُقَارِنًا لِخَلْقِهِمْ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُمْ إنَّ الرَّبَّ مَا فَارَقَ أَبْدَانَهُمْ أَوْ قُلُوبَهُمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ قَطُّ - كَلَامٌ بَاطِلٌ كَيْفَمَا قُدِّرَ.
وَأَمَّا مَا ذُكِرَ عَنْ رَابِعَةَ العدوية مِنْ قَوْلِهَا عَنْ الْبَيْتِ: " إنَّهُ الصَّنَمُ الْمَعْبُودُ فِي الْأَرْضِ " فَهُوَ كَذِبٌ عَلَى رَابِعَةَ وَلَوْ قَالَ هَذَا مَنْ قَالَهُ لَكَانَ كَافِرًا يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ وَهُوَ كَذِبٌ فَإِنَّ الْبَيْتَ لَا يَعْبُدُهُ الْمُسْلِمُونَ؛ وَلَكِنْ يَعْبُدُونَ رَبَّ الْبَيْتِ بِالطَّوَافِ بِهِ وَالصَّلَاةِ إلَيْهِ وَكَذَلِكَ مَا نُقِلَ مِنْ قَوْلِهَا: وَاَللَّهِ مَا وَلَجَهُ اللَّهُ وَلَا خَلَا مِنْهُ كَلَامٌ بَاطِلٌ عَلَيْهَا. وَعَلَى مَذْهَبِ الْحُلُولِيَّةِ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَاكَ الْبَيْتِ وَغَيْرِهِ فِي هَذَا الْمَعْنَى فَلِأَيِّ مَزِيَّةٍ يُطَافُ بِهِ وَيُصَلَّى إلَيْهِ وَيُحَجُّ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْبُيُوتِ؟ وَقَوْلُ الْقَائِلِ: مَا وَلَجَ اللَّهُ فِيهِ " - كَلَامٌ صَحِيحٌ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: مَا خَلَا مِنْهُ فَإِنْ أَرَادَ أَنَّ ذَاتَهُ حَالَّةً فِيهِ أَوْ مَا يُشْبِهُ هَذَا الْمَعْنَى فَهُوَ بَاطِلٌ وَهُوَ مُنَاقِضٌ لِقَوْلِهِ مَا وَلَجَ فِيهِ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّ الِاتِّحَادَ مُلَازِمٌ لَهُ لَمْ يَتَجَدَّدْ لَهُ وُلُوجٌ وَلَمْ يَزَلْ غَيْرَ حَالٍّ فِيهِ فَهَذَا مَعَ أَنَّهُ كُفْرٌ وَبَاطِلٌ يُوجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْبَيْتِ مَزِيَّةً عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْبُيُوتِ إذْ الْمَوْجُودَاتُ كُلُّهَا عِنْدَهُمْ كَذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute