للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَأَمَّا الْبَيْتَانِ الْمَنْسُوبَانِ إلَى الْحَلَّاجِ: - سُبْحَانَ مَنْ أَظْهَرَ ناسوته سِرُّ سَنَا لَاهُوتِهِ الثَّاقِبِ حَتَّى بَدَا فِي خَلْقِهِ ظَاهِرًا فِي صُورَةِ الْآكِلِ وَالشَّارِبِ فَهَذِهِ قَدْ بَيَّنَ بِهَا الْحُلُولَ الْخَاصَّ) كَمَا تَقُولُ النَّصَارَى فِي الْمَسِيحِ - وَكَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ خَفِيفٍ الشِّيرَازِيُّ - قَبْلَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى حَقِيقَةِ أَمْرِ الْحَلَّاجِ - يَذُبُّ عَنْهُ فَلَمَّا أَنْشَدَ هَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ قَالَ: لَعَنَ اللَّهُ مَنْ قَالَ هَذَا. وَقَوْلُهُ وَلَهُ: - عَقَدَ الْخَلَائِقُ فِي الْإِلَهِ عقائدا وَأَنَا اعْتَقَدْت جَمِيعَ مَا اعْتَقَدُوهُ فَهَذَا الْبَيْتُ يُعْرَفُ لِابْنِ عَرَبِيٍّ فَإِنْ كَانَ قَدْ سَبَقَهُ إلَيْهِ الْحَلَّاجُ وَقَدْ تَمَثَّلَ هُوَ بِهِ: فَإِضَافَتُهُ إلَى الْحَلَّاجِ صَحِيحَةٌ وَهُوَ كَلَامٌ مُتَنَاقِضٌ بَاطِلٌ. فَإِنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ فِي الِاعْتِقَادِ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ. وَالْقَضِيَّتَانِ المتناقضتان بِالسَّلْبِ وَالْإِيجَابِ عَلَى وَجْهٍ يَلْزَمُ مِنْ صِدْقِ أَحَدِهِمَا كَذِبُ الْأُخْرَى لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا. وَهَؤُلَاءِ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ يَثْبُتُ عِنْدَهُمْ فِي الْكَشْفِ مَا يُنَاقِضُ صَرِيحَ الْعَقْلِ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ بِالْجَمْعِ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ وَبَيْنَ الضِّدَّيْنِ وَأَنَّ مَنْ سَلَكَ طَرِيقَهُمْ يَقُولُ بِمُخَالَفَةِ الْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا مِنْ أَفْسَدِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَهْلُ السَّفْسَطَةِ.