للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذَا تَعَادُّوا الْقَتْلَى وَتَقَاصُّوا وَتَعَادَلُوا لَمْ يَبْقَ وَاحِدَةٌ تَطْلُبُ الْأُخْرَى بِشَيْءِ فَحَيِيَ هَؤُلَاءِ وَحَيِيَ هَؤُلَاءِ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَتَقَاصُّوا فَإِنَّهُمْ يَتَقَاتَلُونَ وَتَقُومُ بَيْنَهُمْ الْفِتَنُ الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا خَلَائِقُ كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي فِتَنِ الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ إنَّمَا تَقَعُ الْفِتَنُ لِعَدَمِ الْمُعَادَلَةِ وَالتَّنَاصُفِ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ وَإِلَّا فَمَعَ التَّعَادُلِ وَالتَّنَاصُفِ الَّذِي يَرْضَى بِهِ أُولُو الْأَلْبَابِ لَا تَبْقَى فِتْنَةٌ. وَقَوْلُهُ: {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ} فَطَلَب مِنْ الطَّائِفَةِ الْأُخْرَى مَالًا أَوْ قَوْمًا أَوْ آذَاهُمْ بِسَبَبِ مَا بَيْنَهُمْ مِنْ الدَّمِ {فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} وَهَذَا كَقَوْلِهِ: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} {إنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} و " الْأُخُوَّةُ " هُنَا كَالْأُخُوَّةِ هُنَاكَ وَهَذَا فِي قَتْلَى الْفِتَنِ. وَأَمَّا إذَا قَتَلَ رَجُلٌ رَجُلًا مِنْ غَيْرِ فِتْنَةٍ فَهُمْ كَانُوا يَعْرِفُونَ أَنَّ الْقَاتِلَ يُقْتَلُ لَكِنْ كَانَتْ الطَّائِفَةُ الْقَوِيَّةُ تَطْلُبُ أَنْ تَقْتُلَ غَيْرَ الْقَاتِلِ أَوْ مَنْ هُوَ أَكْثَرُ مِنْ الْقَاتِلِ أَوْ اثْنَيْنِ بِوَاحِدِ وَإِذَا كَانَ الْقَاتِلُ مِنْهَا لَمْ تَقْتُلْ بِهِ مَنْ هُوَ دُونَهُ كَمَا قِيلَ: إنَّهُ كَانَ بَيْنَ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ لَكِنَّ هَذَا لَمْ تَثُرْ بِهِ الْفِتَنُ بَلْ فِيهِ ظُلْمُ الطَّائِفَةِ الْقَوِيَّةِ لِلضَّعِيفَةِ وَلَمْ