وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَحَادِيثِ الْمِعْرَاجِ الثَّابِتَةِ أَنَّهُ رَآهُ بِعَيْنِهِ وَقَوْلُهُ: {أَتَانِي الْبَارِحَةَ رَبِّي فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ} الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ إنَّمَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ فِي الْمَنَامِ هَكَذَا جَاءَ مُفَسَّرًا. وَكَذَلِكَ حَدِيثُ أُمِّ الطُّفَيْلِ وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا - مِمَّا فِيهِ رُؤْيَةُ رَبِّهِ - إنَّمَا كَانَ بِالْمَدِينَةِ كَمَا جَاءَ مُفَسَّرًا فِي الْأَحَادِيثِ وَالْمِعْرَاجُ كَانَ بِمَكَّةَ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} وَقَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَقَدْ ثَبَتَ بِنَصِّ الْقُرْآنِ أَنَّ مُوسَى قِيلَ لَهُ: {لَنْ تَرَانِي} وَأَنَّ رُؤْيَةَ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ إنْزَالِ كِتَابٍ مِنْ السَّمَاءِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} فَمَنْ قَالَ إنَّ أَحَدًا مِنْ النَّاسِ يَرَاهُ؛ فَقَدْ زَعَمَ أَنَّهُ أَعْظَمُ مِنْ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ وَدَعْوَاهُ أَعْظَمُ مِنْ دَعْوَى مَنْ ادَّعَى أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ كِتَابًا مِنْ السَّمَاءِ. وَالنَّاسُ فِي رُؤْيَةِ اللَّهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: - فَالصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَأَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ يَرَى فِي الْآخِرَةِ بِالْأَبْصَارِ عِيَانًا وَأَنَّ أَحَدًا لَا يَرَاهُ فِي الدُّنْيَا بِعَيْنِهِ؛ لَكِنْ يَرَى فِي الْمَنَامِ وَيَحْصُلُ لِلْقُلُوبِ - مِنْ الْمُكَاشَفَاتِ وَالْمُشَاهَدَاتِ - مَا يُنَاسِبُ حَالَهَا. وَمِنْ النَّاسِ مَنْ تَقْوَى مُشَاهَدَةُ قَلْبِهِ حَتَّى يَظُنَّ أَنَّهُ رَأَى ذَلِكَ بِعَيْنِهِ؛
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute