للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَهُوَ غالط وَمُشَاهَدَاتُ الْقُلُوبِ تَحْصُلُ بِحَسَبِ إيمَانِ الْعَبْدِ وَمَعْرِفَتِهِ فِي صُورَةٍ مِثَالِيَّةٍ كَمَا قَدْ بُسِطَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. (وَالْقَوْلُ الثَّانِي) قَوْلُ نفاة الْجَهْمِيَّة أَنَّهُ لَا يَرَى فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ. (وَالثَّالِثُ) قَوْلُ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّهُ يَرَى فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَحُلُولِيَّةُ الْجَهْمِيَّة يَجْمَعُونَ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ فَيَقُولُونَ: إنَّهُ لَا يَرَى فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ وَإِنَّهُ يَرَى فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَرَبِيٍّ - صَاحِبِ الْفُصُوصِ - وَأَمْثَالِهِ؛ لِأَنَّ الْوُجُودَ الْمُطْلَقَ السَّارِيَ فِي الْكَائِنَاتِ لَا يُرَى وَهُوَ وُجُودُ الْحَقِّ عِنْدَهُمْ. ثُمَّ مَنْ أَثْبَتَ الذَّاتَ قَالَ: يَرَى مُتَجَلِّيًا فِيهَا وَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُطْلَقِ وَالْمُعَيَّنِ قَالَ: لَا يَرَى إلَّا مُقَيَّدًا بِصُورَةِ. وَهَؤُلَاءِ قَوْلُهُمْ دَائِرٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ: إنْكَارُ رُؤْيَةِ اللَّهِ وَإِثْبَاتُ رُؤْيَةِ الْمَخْلُوقَاتِ وَيَجْعَلُونَ الْمَخْلُوقَ هُوَ الْخَالِقُ أَوْ يَجْعَلُونَ الْخَالِقَ حَالًّا فِي الْمَخْلُوقِ وَإِلَّا فَتَفْرِيقُهُمْ بَيْنَ الْأَعْيَانِ الثَّابِتَةِ فِي الْخَارِجِ وَبَيْنَ وُجُودهَا: هُوَ قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: بِأَنَّ الْمَعْدُومَ شَيْءٌ فِي الْخَارِجِ وَهُوَ قَوْلٌ بَاطِلٌ وَقَدْ ضَمُّوا إلَيْهِ أَنَّهُمْ جَعَلُوا نَفْسَ وُجُودِ الْمَخْلُوقِ هُوَ وُجُودُ الْخَالِقِ. وَأَمَّا التَّفْرِيقُ بَيْنَ الْمُطْلَقِ وَالْمُعَيَّنِ -) مَعَ أَنَّ الْمُطْلَقَ لَا يَكُونُ هُوَ فِي الْخَارِجِ مُطْلَقًا - فَيَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الرَّبُّ مَعْدُومًا وَهَذَا هُوَ جُحُودُ الرَّبِّ وَتَعْطِيلُهُ