للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَيْسَ بِفَرْضِ عَيْنٍ فَقَدْ حَصَلَتْ الْكِفَايَةُ بِغَيْرِهِمْ؛ فَإِنَّهُ لَا حَرَجَ عَلَيْهِمْ فِي الْقُعُودِ؛ بَلْ هُمْ مَوْعُودُونَ بِالْحُسْنَى كَأُولِي الضَّرَرِ وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ} الْآيَةَ فَالْوَعْدُ بِالْحُسْنَى شَامِلٌ لِأُولِي الضَّرَرِ وَغَيْرِهِمْ. فَإِنْ قِيلَ: قَدْ قَالَ فِي الْأُولَى فِي فَضْلِهِمْ دَرَجَةً ثُمَّ قَالَ فِي فَضْلِهِمْ {دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً} كَمَا قَالَ: {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} {الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ.} فَقَوْلُهُ: {أَعْظَمُ دَرَجَةً} كَمَا قَالَ فِي السَّابِقِينَ {أَعْظَمُ دَرَجَةً} وَهَذَا نَصْبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ: أَيْ دَرَجَتُهُمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً وَهَذَا يَقْتَضِي تَفْضِيلًا مُجْمَلًا يُقَالُ: مَنْزِلَةُ هَذَا أَعْظَمُ وَأَكْبَرُ كَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} الْآيَاتِ؛ لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُمْ لَمْ يُفَضَّلُوا عَلَيْهِمْ إلَّا بِدَرَجَةِ فَإِنَّ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي يَرْوِيهِ أَبُو سَعِيدٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ: {إنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} الْحَدِيثَ وَفِي