حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: {مَنْ رَضِيَ بِاَللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدِ نَبِيًّا وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ فَعَجِبَ لَهَا أَبُو سَعِيدٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأُخْرَى يَرْفَعُ اللَّهُ بِهَا الْعَبْدَ مِائَةَ دَرَجَةٍ فِي الْجَنَّةِ مَا بَيْنَ كُلِّ دَرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَقَالَ: وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} فَهَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ بَيَّنَ أَنَّ الْمُجَاهِدَ يُفَضَّلُ عَلَى الْقَاعِدِ الْمَوْعُودِ بِالْحُسْنَى مِنْ غَيْرِ أُولِي الضَّرَرِ مِائَةَ دَرَجَةٍ وَهُوَ يُبْطِلُ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ: إنَّ الْوَعْدَ بِالْحُسْنَى وَالتَّفْضِيلَ بِالدَّرَجَةِ مُخْتَصٌّ بِأُولِي الضَّرَرِ فَهَذَا الْقَوْلُ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ. وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ (دَرَجَةً مَنْصُوبٌ عَلَى التَّمْيِيزِ كَمَا قَالَ أَعْظَمُ دَرَجَةً أَيْ فَضْلُ دَرَجَتِهِمْ عَلَى دَرَجَتِهِمْ أَفْضَلُ كَمَا يُقَالُ: فُضِّلَ هَذَا عَلَى هَذَا مَنْزِلًا وَمَقَامًا وَقَدْ يُرَادُ (بِالدَّرَجَةِ جِنْسُ الدُّرْجِ وَهِيَ الْمُنَزَّلَةُ وَالْمُسْتَقَرُّ لَا يُرَادُ بِهِ دَرَجَةٌ وَاحِدَةٌ مِنْ الْعَدَدِ وَقَوْلُهُ: {وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} {دَرَجَاتٍ} مَنْصُوبٌ (بفضل لِأَنَّ التَّفْضِيلَ زِيَادَةٌ لِلْمُفَضَّلِ فَالتَّقْدِيرُ زَادَهُمْ عَلَيْهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً فَهَذَا النِّزَاعُ فِي الْعَازِمِ الْجَازِمِ إذَا فَعَلَ مَقْدُورَهُ هَلْ يَكُونُ كَالْفَاعِلِ فِي الْأَجْرِ وَالْوِزْرِ أَمْ لَا؟ وَأَمَّا فِي اسْتِحْقَاقِ الْأَجْرِ وَالْوِزْرِ فَلَا نِزَاعَ فِي ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: {إذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا} فِيهِ حِرْصُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى قَتْلٍ صَاحِبِهِ وَفِعْلِ مَقْدُورِهِ فَكِلَاهُمَا مُسْتَحِقٌّ لِلنَّارِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute