للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُشَارِكُهُ فِيهِ مُشَارِكٌ وَهَذَا يَتَضَمَّنُ انْفِرَادَهُ بِالْمُلْكِ الْحَقِّ وَالْمُلْكِ الْعَامِّ لِكُلِّ مَوْجُودٍ وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ تَوْحِيدَ رُبُوبِيَّتِهِ وَتَوْحِيدَ إلَهِيَّتِهِ فَتَضَمَّنَ نَفْيَ الْوَلَدِ وَالصَّاحِبَةِ وَالشَّرِيكِ؛ لِأَنَّ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ إذَا كَانَ مُلْكَهُ وَخَلْقَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِمْ وَلَدٌ وَلَا صَاحِبَةٌ وَلَا شَرِيكٌ. وَقَدْ اسْتَدَلَّ سُبْحَانَهُ بِعَيْنِ هَذَا الدَّلِيلِ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ وَسُورَةِ مَرْيَمَ فَقَالَ تَعَالَى: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ مَرْيَمَ: {وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا} {إنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} وَيَتَضَمَّنُ ذَلِكَ أَنَّ الرَّغْبَةَ وَالسُّؤَالَ وَالطَّلَبَ وَالِافْتِقَارَ لَا يَكُونُ إلَّا إلَيْهِ وَحْدَهُ؛ إذْ هُوَ الْمَالِكُ لِمَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ. وَلَمَّا كَانَ تَصَرُّفُهُ سُبْحَانَهُ فِي خَلْقِهِ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَهُوَ تَصَرُّفٌ بِخَلْقِهِ وَأَمْرِهِ وَأَخْبَرَ أَنَّ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مُلْكُهُ فَمَا تَصَرَّفَ خَلْقًا وَأَمْرًا إلَّا فِي مُلْكِهِ الْحَقِيقِيِّ وَكَانَتْ سُورَةُ الْبَقَرَةِ مُشْتَمِلَةً مِنْ الْأَمْرِ وَالْخَلْقِ عَلَى مَا لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَيْهِ سُورَةٌ غَيْرُهَا - أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ ذَلِكَ صَدَرَ مِنْهُ فِي مُلْكِهِ قَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} فَهَذَا مُتَضَمِّنٌ لِكَمَالِ عِلْمِهِ