فَالْوَاجِبُ هُوَ الَّذِي لَا تَقْبَلُ ذَاتُهُ الْعَدَمَ وَالْمُمْكِنُ هُوَ الَّذِي تَقْبَلُ ذَاتُهُ الْعَدَمَ فَيَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ قَابِلًا لِلْعَدَمِ غَيْرُ قَابِلٍ لِلْعَدَمِ وَالْقَدِيمُ هُوَ الَّذِي لَا أَوَّلَ لِوُجُودِهِ وَالْمُحْدَثُ هُوَ الَّذِي لَهُ أَوَّلُ فَيَمْتَنِعُ كَوْنُ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ قَدِيمًا مُحْدِثًا. وَلَوْلَا أَنَّهُ قَدْ عَلِمَ مُرَادَهُمْ بِهَذَا الْقَوْلِ: لَأَمْكَنَ أَنْ يُرَادَ بِذَلِكَ: مَا فِي سِوَى الْوُجُودِ الَّذِي خَلَقَهُ مَنْ أَوْجَدَنِي: وَتَكُونُ إضَافَةُ الْوُجُودِ إلَى اللَّهِ) إضَافَةَ الْمِلْكِ لَكِنْ قَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ هَذَا وَلِأَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ لَا تُسْتَعْمَلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى وَإِنَّمَا يُرَادُ بِوُجُودِ اللَّهِ وُجُودُ ذَاتِهِ لَا وُجُودُ مَخْلُوقَاتِهِ وَهَكَذَا قَوْلُ الْقَائِلِ: - ذَاتُ وُجُودِ الْكَوْنِ لِلْخَلْقِ شُهُودُ أَنْ لَيْسَ لِمَوْجُودِ سِوَى الْحَقِّ وُجُودُ مُرَادُهُ بِهِ أَنَّ وُجُودَ الْكَوْنِ هُوَ نَفْسُ وُجُودِ الْحَقِّ) وَهَذَا هُوَ قَوْل أَهْلِ الْوَحْدَةِ وَإِلَّا فَلَوْ أَرَادَ أَنَّ وُجُودَ كُلِّ مَوْجُودٍ مِنْ الْمَخْلُوقَاتِ هُوَ مِنْ الْحَقِّ تَعَالَى - فَلَيْسَ لِشَيْءِ وُجُودٌ مِنْ نَفْسِهِ وَإِنَّمَا وُجُودُهُ مِنْ رَبِّهِ وَالْأَشْيَاءُ بِاعْتِبَارِ أَنْفُسِهَا لَا تَسْتَحِقُّ سِوَى الْعَدَمِ وَإِنَّمَا حَصَلَ لَهَا الْوُجُودُ مِنْ خَالِقِهَا وَبَارِئِهَا فَهِيَ دَائِمَةُ الِافْتِقَارِ إلَيْهِ لَا تَسْتَغْنِي عَنْهُ لَحْظَةً لَا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ - لَكَانَ قَدْ أَرَادَ مَعْنًى صَحِيحًا وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ أَهْلُ الْعَقْلِ وَالدِّينِ مِنْ الْأَوَّلِينَ والآخرين. وَهَؤُلَاءِ الْقَائِلُونَ بِالْوَحْدَةِ: قَوْلُهُمْ مُتَنَاقِضٌ؛ وَلِهَذَا يَقُولُونَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute