للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَالُوا فِي قَوْلِهِ {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى} فَبِأَيِّ نِعَمِ رَبِّك الَّتِي تَدُلُّ عَلَى وَحْدَانِيِّتِهِ تَتَشَكَّكُ؟ وَقِيلَ: تَشُكُّ وَتُجَادِلُ؟ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تُكَذِّبُ؟ . قُلْت: قَدْ ضَمَّنَ {تَتَمَارَى} مَعْنَى تُكَذِّبُ. وَلِهَذَا عَدَّاهُ بِالتَّاءِ. فَإِنَّ التَّمَارِي: تَفَاعُلٌ مِنْ الْمِرَاءِ. يُقَالُ: تَمَارَيْنَا فِي الْهِلَالِ. وَالْمِرَاءُ فِي الْقُرْآنِ كُفْرٌ وَهُوَ يَكُونُ تَكْذِيبًا وَتَشْكِيكًا. وَقَدْ يُقَالُ: لَمَّا كَانَ الْخِطَابُ لَهُمْ. قَالَ {تَتَمَارَى} أَيْ تَتَمَارَوْنَ. وَلَمْ يَقُلْ: تَمْتَرِي. فَإِنَّ التَّفَاعُلَ يَكُونُ بَيْنَ اثْنَيْنِ تَمَارَيَا. قَالُوا: وَالْخِطَابُ لِلْإِنْسَانِ. قِيلَ لِلْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ. فَإِنَّهُ قَالَ {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى} {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ثُمَّ الْتَفَتَ إلَيْهِ فَقَالَ {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى} تُكَذِّبُ. كَمَا قَالَ {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ} {وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ} {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} . فَفِي كُلِّ مَا خَلَقَهُ اللَّهُ إحْسَانٌ إلَى عِبَادِهِ يَحْمَدُ عَلَيْهِ حَمْدَ شُكْرٍ وَلَهُ فِيهِ حِكْمَةٌ تَعُودُ إلَيْهِ يَسْتَحِقُّ لِأَجْلِهَا أَنْ يُحْمَدَ عَلَيْهِ حَمْدًا يَسْتَحِقُّهُ لِذَاتِهِ. فَجَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ: فِيهَا إنْعَامٌ عَلَى الْعِبَادِ كَالثَّقَلَيْنِ الْمُخَاطَبِينَ بِقَوْلِهِ