للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا آيَاتٌ لِلرَّبِّ يَحْصُلُ بِهَا هِدَايَتُهُمْ وَإِيمَانُهُمْ الَّذِي يَسْعَدُونَ بِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. فَيَدُلُّهُمْ عَلَيْهِ وَعَلَى وَحْدَانِيِّتِهِ وَقُدْرَتِهِ وَعِلْمِهِ وَحِكْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ. وَالْآيَاتُ الَّتِي بَعَثَ بِهَا الْأَنْبِيَاءَ وَأَيَّدَهُمْ بِهَا وَنَصَرَهُمْ. وَإِهْلَاكُ عَدُوِّهِمْ - كَمَا ذَكَرَهُ فِي سُورَةِ النَّجْمِ {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى} {وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى} {وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى} {وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى} {فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى} - تَدُلُّهُمْ عَلَى صِدْقِ الْأَنْبِيَاءِ فِيمَا أَخْبَرُوا بِهِ مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ. مَا بَشَّرُوا بِهِ وَأَنْذَرُوا بِهِ. وَلِهَذَا قَالَ عَقِيبَ ذَلِكَ {هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى} قِيلَ: هُوَ مُحَمَّدٌ. وَقِيلَ: هُوَ الْقُرْآنُ. فَإِنَّ اللَّهَ سَمَّى كُلًّا مِنْهُمَا بَشِيرًا وَنَذِيرًا. فَقَالَ فِي رَسُولِ اللَّهِ {إنْ أَنَا إلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} وَقَالَ تَعَالَى {إنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} وَقَالَ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ {كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} {بَشِيرًا وَنَذِيرًا} وَهُمَا مُتَلَازِمَانِ. وَكُلٌّ مِنْ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ: مُرَادٌ. يُقَالُ: هَذَا نَذِيرٌ أَنْذَرَ بِمَا أَنْذَرَتْ بِهِ الرُّسُلُ وَالْكُتُبُ الْأُولَى. وَقَوْلُهُ " مِنْ النُّذُرِ " أَيْ مِنْ جِنْسِهَا. أَيْ رَسُولٍ مِنْ