للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَإِذَا قِيلَ لِأُولَئِكَ: إنَّهُ إنَّمَا أَوْقَعَهُمْ فِي تِلْكَ الذُّنُوبِ وَطَبَعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ: عُقُوبَةً لَهُمْ عَلَى عَدَمِ فِعْلِهِمْ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ. فَمَا ظَلَمَهُمْ وَلَكِنْ هُمْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ. يُقَالُ: ظَلَمْته إذَا نَقَصْته حَقَّهُ. قَالَ تَعَالَى {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا} . وَكَثِيرٌ مِنْ أُولَئِكَ يُسَلِّمُونَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ لِلْعَبْدِ مِنْ الْأَعْمَالِ مَا يَكُونُ جَزَاءً لَهُ عَلَى عَمَلٍ مِنْهُ مُتَقَدِّمٌ. وَيَقُولُونَ: إنَّهُ خَلَقَ طَاعَةَ الْمُطِيعِ. فَلَا يُنَازِعُونَ فِي نَفْسِ خَلْقِ أَفْعَالِ الْعِبَادِ. لَكِنْ يَقُولُونَ: مَا خَلَقَ شَيْئًا مِنْ الذُّنُوبِ ابْتِدَاءً بَلْ إنَّمَا خَلَقَهَا جَزَاءً لِئَلَّا يَكُونَ ظَالِمًا. فَنَقُولُ: أَوَّلُ مَا يَفْعَلُهُ الْعَبْدُ مِنْ الذُّنُوبِ: هُوَ أَحْدَثُهُ لَمْ يُحْدِثْهُ اللَّهُ. ثُمَّ مَا يَكُونُ جَزَاءً عَلَى ذَلِكَ: فَاَللَّهُ مُحْدِثُهُ. وَهُمْ لَا يُنَازِعُونَ فِي مَسْأَلَةِ خَلْقِ الْأَفْعَالِ إلَّا مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ: يُوَافِقُونَ عَلَيْهِ. لَكِنْ يَقُولُونَ: أَوَّلُ الذُّنُوبِ لَمْ يُحْدِثْهُ اللَّهُ بَلْ يُحْدِثْهُ الْعَبْدُ لِئَلَّا يَكُونَ الْجَزَاءُ عَلَيْهِ ظُلْمًا. وَمَا ذَكَرْنَاهُ: يُوجِبُ أَنَّ اللَّهَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ. فَمَا حَدَثَ شَيْءٌ إلَّا