للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِمَشِيئَتِهِ وَقُدْرَتِهِ. لَكِنْ أَوَّلُ الذُّنُوبِ الْوُجُودِيَّةِ: هُوَ الْمَخْلُوقُ. وَذَاكَ عُقُوبَةٌ عَلَى عَدَمِ فِعْلِ الْعَبْدِ لِمَا خُلِقَ لَهُ وَلِمَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَفْعَلَهُ. وَهَذَا الْعَدَمُ لَا يَجُوزُ إضَافَتُهُ إلَى اللَّهِ. وَلَيْسَ بِشَيْءِ حَتَّى يَدْخُلَ فِي قَوْلِنَا {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} وَمَا أَحْدَثَهُ مِنْ الذُّنُوبِ الْوُجُودِيَّةِ فَأَوَّلُهَا: عُقُوبَةٌ لِلْعَبْدِ عَلَى هَذَا الْعَدَمِ. وَسَائِرُهَا: قَدْ يَكُونُ عُقُوبَةً لِلْعَبْدِ عَلَى مَا وَجَدَ. وَقَدْ يَكُونُ عُقُوبَةً لَهُ عَلَى اسْتِمْرَارِهِ عَلَى الْعَدَمِ. فَمَا دَامَ لَا يُخْلِصُ لِلَّهِ الْعَمَلَ: فَلَا يَزَالُ مُشْرِكًا. وَلَا يَزَالُ الشَّيْطَانُ مُسَلَّطًا عَلَيْهِ. ثُمَّ تَخْصِيصُهُ سُبْحَانَهُ لِمَنْ هَدَاهُ - بِأَنْ اسْتَعْمَلَهُ ابْتِدَاءً فِيمَا خُلِقَ لَهُ وَهَذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْهُ - هُوَ تَخْصِيصٌ مِنْهُ بِفَضْلِهِ وَرَحْمَتِهِ. وَلِهَذَا يَقُولُ اللَّهُ {وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} وَلِذَلِكَ حِكْمَةٌ وَرَحْمَةٌ هُوَ أَعْلَمُ بِهَا كَمَا خَصَّ بَعْضَ الْأَبْدَانِ بِقُوَى لَا تُوجَدُ فِي غَيْرِهَا وَبِسَبَبِ عَدَمِ الْقُوَّةِ قَدْ تَحْصُلُ لَهُ أَمْرَاضٌ وُجُودِيَّةٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ حِكْمَتِهِ. وَبِتَحْقِيقِ هَذَا يَدْفَعُ شُبُهَاتِ هَذَا الْبَابِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.