لَا يَتَكَلَّمُونَ إلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا} فَإِنَّ هَذَا مِثْلُ قَوْلِهِ {يَوْمَئِذٍ لَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ إلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلًا} فَفِي الْمَوْضِعَيْنِ: اشْتَرَطَ إذْنَهُ. فَهُنَاكَ ذَكَرَ " الْقَوْلَ الصَّوَابَ " وَهُنَا ذَكَرَ " أَنْ يَرْضَى قَوْلَهُ " وَمَنْ قَالَ الصَّوَابَ رَضِيَ اللَّهُ قَوْلَهُ. فَإِنَّ اللَّهَ إنَّمَا يَرْضَى بِالصَّوَابِ. وَقَدْ ذَكَرُوا فِي تِلْكَ الْآيَةِ قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ الشَّفَاعَةُ أَيْضًا كَمَا قَالَ ابْنُ السَّائِبِ: لَا يَمْلِكُونَ شَفَاعَةً إلَّا بِإِذْنِهِ. وَالثَّانِي: لَا يَقْدِرُ الْخَلْقُ عَلَى أَنْ يُكَلِّمُوا الرَّبَّ إلَّا بِإِذْنِهِ. قَالَ مُقَاتِلٌ: كَذَلِكَ قَالَ مُجَاهِدٌ {لَا يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَابًا} قَالَ: كَلَامًا. هَذَا مِنْ تَفْسِيرِهِ الثَّابِتِ عَنْهُ. وَهُوَ مِنْ أَعْلَمِ - أَوْ أَعْلَمُ - التَّابِعِينَ بِالتَّفْسِيرِ. قَالَ الثَّوْرِيُّ: إذَا جَاءَك التَّفْسِيرُ عَنْ مُجَاهِدٍ فَحَسْبُك بِهِ. وَقَالَ: عَرَضْت الْمُصْحَفَ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ: أَقِفُهُ عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ وَأَسْأَلُهُ عَنْهَا. وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَد وَالْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ. وَهَذَا يَتَنَاوَلُ " الشَّفَاعَةَ " أَيْضًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute