عِنْدَ جُمْهُورِ الْأُمَّةِ؛ بَلْ وَمَنْ قَالَ بِأَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ قَدْ لَا يُنَازِعُ أَنَّ أَحَدَهُمَا أَحْسَنُ وَأَصْوَبُ وَلَا يَدَّعِي تَمَاثُلَهُمَا. وَإِنْ ادَّعَاهُ فَلَمْ يَدَّعِهِ إلَّا فِي دِقِّ الْفُرُوعِ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ السَّلَفِ. وَأَمَّا الْحَلُّ فَلَمْ يَدَّعِ مُدَّعٍ تَسَاوِي الْأَقْسَامَ فِيهِ وَهَذَا بِخِلَافِ التَّنَوُّعِ الْمَحْضِ مِثْلُ قِرَاءَةِ سُورَةٍ وَقِرَاءَةِ سُورَةٍ أُخْرَى وَصَدَقَةٍ بِنَوْعِ وَصَدَقَةٍ بِنَوْعِ آخَرَ. فَإِنَّ هَذَا قَدْ يَتَمَاثَلُ؛ لِأَنَّ الدِّينَ وَاحِدٌ فِي ذَلِكَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَإِنَّمَا كَلَامُنَا فِي الْأَدْيَانِ الْمُخْتَلِفَةِ وَلَيْسَ هُنَا خِلَافٌ بِحَالِ. وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الدِّينَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ لَا يُمْكِنُ تَمَاثُلُهُمَا لَمْ يَحْتَجْ إلَى نَفْيٍ هَذَا فِي اللَّفْظِ لِانْتِفَائِهِ بِالْعَقْلِ. وَكَذَلِكَ لَمَّا سَمِعُوا قَوْلَهُ: {وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} كَانَ فِي هَذَا مَا يُخَافُ انْتِقَاصُهُمْ إيَّاهُ. هَذَا مَعَ أَنَّ نُصُوصَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ شَاهِدَةٌ بِتَفْضِيلِ بَعْضِ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَبَعْضِ الرُّسُلِ عَلَى بَعْضٍ قَاضِيَةٌ لِأُولِي الْعَزْمِ بِالرُّجْحَانِ شَاهِدَةٌ بِأَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَأَكْرَمُ الْخَلْقِ عَلَى رَبِّهِ؛ لَكِنَّ تَفْضِيلَ الدِّينِ الْحَقِّ أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنْ اعْتِقَادِهِ؛ وَلِهَذَا ذَكَرَهُ اللَّهُ فِي الْآيَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute