للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَلْ مَنْ يَتَّبِعْ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ. وَلَكِنَّ كِتَابَ اللَّهِ هُوَ حَاكِمٌ بَيْنَ أَهْلِ الْأَرْضِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمُبَيِّنٌ وَجْهَ الْحُكْمِ؛ فَإِنَّهُ بَيَّنَ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَجْهَ التَّفْضِيلِ بِقَوْلِهِ: {أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ} وَبِقَوْلِهِ: {وَهُوَ مُحْسِنٌ} فَإِنَّ الْأَوَّلَ بَيَانُ نِيَّتِهِ وَقَصْدِهِ وَمَعْبُودِهِ وَإِلَهِهِ وَقَوْلُهُ: {وَهُوَ مُحْسِنٌ} فَانْتَفَى بِالنَّصِّ نَفْيَ مَا هُوَ أَحْسَنُ مِنْهُ وَبِالْعَقْلِ مَا هُوَ مِثْلُهُ فَثَبَتَ أَنَّهُ أَحْسَنُ الْأَدْيَانِ. " الْوَجْهُ الثَّالِثُ " أَنَّ النِّزَاعَ كَانَ بَيْنَ الْأُمَّتَيْنِ أَيُّ الدِّينَيْنِ أَفْضَلُ؟ فَلَمْ يَقُلْ لَهُمَا: إنَّ الدِّينَيْنِ سَوَاءٌ وَلَا نُهُوا عَنْ تَفْضِيلِ أَحَدِهِمَا؛ لَكِنْ حُسِمَتْ مَادَّةُ الْفَخْرِ وَالْخُيَلَاءِ وَالْغُرُورِ الَّذِي يَحْصُلُ مِنْ تَفْضِيلِ أَحَدِ الدِّينَيْنِ؛ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ إذَا اسْتَشْعَرَ فَضْلَ نَفْسِهِ أَوْ فَضْلَ دِينِهِ يَدْعُوهُ ذَلِكَ إلَى الْكِبْرِ وَالْخُيَلَاءِ وَالْفَخْرِ؛ فَقِيلَ لِلْجَمِيعِ: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} سَوَاءٌ كَانَ دِينُهُ فَاضِلًا أَوْ مَفْضُولًا؛ فَإِنَّ النَّهْيَ عَنْ السَّيِّئَاتِ وَالْجَزَاءَ عَلَيْهَا وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ، قَالَ تَعَالَى {وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا} إلَى قَوْلِهِ: {لَوَاقِعٌ} . فَلَمَّا اسْتَشْعَرَ الْمُؤْمِنُونَ أَنَّهُمْ مَجْزِيُّونَ عَلَى السَّيِّئَاتِ وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ فَضْلُ دِينَهُمْ وَفَسَّرَ لَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْجَزَاءَ قَدْ يَكُونُ