للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غذائي الْجَسَدِ وَالْقَلْبِ يَغْتَذُونَ الْحَرَامَ بِخِلَافِ مَنْ يَأْكُلُ الْحَلَالَ وَلَا يَقْبَلُ إلَّا الصِّدْقَ وَفِيهِ ذَمٌّ لِمَنْ يُرَوِّجُ عَلَيْهِ الْكَذِبَ وَيَقْبَلُهُ أَوْ يُؤْثِرُهُ لِمُوَافَقَتِهِ هَوَاهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ قَبُولُ الْمَذَاهِبِ الْفَاسِدَةِ؛ لِأَنَّهَا كَذِبٌ لَا سِيَّمَا إذَا اقْتَرَنَ بِذَلِكَ قَبُولُهَا لِأَجْلِ الْعِوَضِ عَلَيْهَا سَوَاءٌ كَانَ الْعِوَضُ مِنْ ذِي سُلْطَانٍ أَوْ وَقْفٍ أَوْ فُتُوحٍ أَوْ هَدِيَّةٍ أَوْ أُجْرَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَهُوَ شَبِيهٌ بِقَوْلِهِ: {إنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}. . . (١) أَهْلُ الْبِدَعِ وَأَهْلُ الْفُجُورِ الَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِمَا كُذِبَ بِهِ عَلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَحْكَامِهِ وَاَلَّذِينَ يُطِيعُونَ الْخَلْقَ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ. وَمِثْلُهُ: {هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ} {تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} {يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ} فَإِنَّمَا تَنَزَّلَتْ بِالسَّمْعِ الَّذِي يَخْلِطُ فِيهِ بِكَلِمَةِ الصِّدْقِ أَلْفَ كَلِمَةٍ مِنْ الْكَذِبِ عَلَى مَنْ هُوَ كَذَّابٌ فَاجِرٌ فَيَكُونُ سَمَّاعًا لِلْكَذِبِ مِنْ مُسْتَرِقَةِ السَّمْعِ. ثُمَّ قَالَ فِي السُّورَةِ: {لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ} فَقَوْلُ الْإِثْمِ وَسَمَاعُ الْكَذِبِ وَأَكْلُ السُّحْتِ أَعْمَالٌ مُتَلَازِمَةٌ فِي الْعَادَةِ وَلِلْحُكَّامِ مِنْهَا خُصُوصٌ فَإِنَّ الْحَاكِمَ إذَا


(١) بياض بالأصل